اصطلاحاً: هى كل بقعة أحكام الكفر فيها ظاهرة (1).
وقد قسم العلماء الناس فى شأن الهجرة من دار الحرب إلى ثلاثة أقسام:
1 - من تجب عليه الهجرة: وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه مع المقام فى دار الحرب، وإن كانت امرأة لا تجد محرما، إن كانت تأمن على نفسها فى الطريق، أو كان خوف الطريق أقل من خوف المقام فى دار الحرب (2). لقوله تعالى:} إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا {(النساء97)
أما حديث: "لا هجرة بعد الفتح " (3) فمعناه: لا هجرة من مكة بعد فتحها، لصيرورة مكة دار إسلام إلى يوم القيامة إن شاء الله.
2 - من لا هجرة عليه: وهو من يعجز عنها، إما لمرض، أو إكراه على الإقامة فى دار الكفر، أو ضعف كالنساء، والولدان لقوله تعالى:} إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا {(النساء98)
3 - من تستحب له الهجرة، ولا تجب عليه: وهو من يقدر على الهجرة ويتمكن من إظهار دينه فى دار الحرب هذا يستحب له الهجرة ليتمكن من الجهاد وتكثير المسلمين.
وقال الحنفية: لا تجب الهجرة من دار الحرب لحديث: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" (4).
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الربا حرام فى دار الحرب كحرمته فى دار الإسلام فما كان حراما فى دار الإسلام، كان حراما فى دار الحرب، سواء بين المسلمين وبين أهل الحرب أو بين مُسْلِمَيْنِ لم يهاجرا من دار الحرب، وبهذا قال الشافعى ومالك، وأبو يوسف من الحنفية وقالوا إن النصوص جاءت فى تحريم الربا عامة، ولم تفرق بين دار ودار ولا بين مسلم وغيره (5).
وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يحرم الربا فى دار الحرب بين المسلم وأهل الحرب، ولا بين مُسْلِمَيْنِ لم يهاجرا من دار الحرب (6) لحديث: "لا ربا بين المسلم والحربى فى دار الحرب" (7). ولأن مالهم مباح فى دارهم، فبأى طريق أخذه المسلم أخذ مالا مباحا إذا لم يكن فيه غدر، ولأن مال أهل الحرب مباح بغير عقد فبالعقد الفاسد أولى.
والرأى الراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء بعموم الأدلة، والجواب عن الحديث أنه مرسل ضعيف فلا حجة فيه.
واتفق الفقهاء على كراهة التزوج فى دار الحرب لمن دخل فيها من المسلمين بأمان لتجارة أو لغيرها، ولو بمسلمة، وتشتد الكراهة إذا كانت من أهل الحرب وعند الحنفية الكراهة تحريمية فى الحربية لافتتاح باب الفتنة، وتتزيهية فى غيرها لأن فيه تعريضا للذرية لفساد عظيم، إذ أن الولد إذا نشأ فى دارهم لا يؤمن أن ينشأ على دينهم وإذا كانت الزوجة منهم فقد تغلب على ولدها فيتبعها على دينها (8). وقال الحنابلة: إذا كان المسلم أسيرا فى دار الحرب فلا يحل له التزوج لأنه إذا ولد له ولد كان لهم رقيقا (9).
أ. د/ فرج السيد عنبر