لغة: من "الخلد" وهو دوام البقاء، و"أخلده الله "، و"أخلده تخليدا "، والفعل أخلد بمعنى "ركن" فيقال: "أخلد إليه" أى ركن إليه.
واصطلاحا: لا يختلف المعنى الاصطلاحى عن المعنى اللغوى كما ورد فى قوله تعالى: {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} الأعراف:176.وقد ورد هذا اللفظ فى صيغة المضارع بمعنى دوام البقاء فى قوله تعالى: {يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا} الفرقان:69، أما لفظ "الخلود" فقد ورد فى القرآن الكريم مرة واحدة بالمعنى السابق وهو دوام البقاء فى قوله تعالى: {ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود} ق:34.أما فى السنة المطهرة فقد ورد لفظ الخلود بالمعنى ذاته فى مواضع كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (يقال لأهل الجنة خلود بلا موت .... ) (رواه البخارى ومسلم والترمذى فى الجنة) أما فى علم الكلام فقد حظى لفظ الخلود باهتمام خاص فى إطار مناقشة مسألة "الجوهر الفرد" أو "الجزء الذى لا يتجزأ" وقد مثل كل من أبى الهزيل العلاف (227هـ-842 م) وإبراهيم بن سيار النظام (235هـ-850 م).قطبى الرحى فى هذه المناقشات. مقال الأول بأن الجزء لابد له أن يصل إلى جزء لا يتجزأ حيث تتوقف عملية التقسيم تماما.
وأراد أبو الهزيل إثبات حدوث العالم بهذه الطريق، لأن التقسيم إلى ما لا نهاية يعنى أن العالم ليس له نهاية أو بداية، ومن ثم لا يمكن أن يكون محدثا؛ لأن المحدث بدأ فى الزمان ولابد أن ينتهى أيضا فى الزمان، فالتجزؤ إلى ما لا نهاية يعنى قدم العالم وسرمديته وهذا ما يرفضه أبو الهزيل. إلا أن النظام ألزمه على قوله أن حركات أمل الجنة لابد وأن تتوقف فى زمن ما فيتخلدون على الوضع الذى توقفت عنده حركاتهم فى سكون أبدى، وذلك لأن الحركة مرتبطة بانقسام المادة فإذا توقف الانقسام توقفت الحركة.
أما النظام فقد كان يرى أنه ما من جزء إلا ويتجزأ إلى ما لا نهاية ومن ثم لا تتوقف الحركة فى الكون أبدا، وكذلك لا تتوقف حركات أهل الجنة. وقد كان رأى النظام فى الجزء الذى يتجزأ أساسا لما عرف فيما بعد بالنظرية الذرية فى الإسلام وبه قال أكثر الفلاسفة.
وقد ثار الجدل حول خلود الكافر والفاسق فى النار ضمن الحديث عن الشفاعة والوعد والوعيد واستحقاق الثواب والعقاب حيث أنكرها المعتزلة بناء على ما ذهبوا إليه فى الوعد والوعيد وأثبتها أهل السنة بناء على ثبوتها بنص القرآن الكريم. أما الفلاسفة فقد قال منهم ابن سينا وأبو البركات البغدادى بخلود النفس متأثرين فى ذلك على ما يبدو بأفلاطون (347 ق. م.) وقد قررتها المسيحية والإسلام وفى الفلسفة الحديثة عن كانط خلود النفس الإنسانية من مسلمات العقل العملى، ويعنى خلود النفس حسب ما جاء فى المعجم الفلسفى: "بقاؤها بعد فناء البدن مع احتفاظها بخصائصها ومميزاتها الفردية".
أ. د/السيد محمد الشاهد