13 - الخلاء Void, صلى الله عليه وسلمmptiness
والملاء Plein
الخلاء لغة: من الأرض: الفضاء الواسع الخالى.
ومن الأمكنة: الذى لا أحد به ولا شىء فيه (1)
واصطلاحاًً: هو المكان المطلق الذى لا يُنسب إلى متمكِّن فيه (2).
والخلاء عند الفلاسفة يطلق على عدة معان:
1 - الخلاء هو خلوّ المكان من كل مادة جسمانية تشغله.
2 - الخلاء هو الامتداد الموهوم المفروض فى الجسم أو فى نفسه، الصالح لأن يشغله الجسم. ويسمى أيضا: بالمكان، والبعد الموهوم، والفراغ الموهوم. وحاصله: البعد الموهوم الخالى من الشاغل.
3 - الخلاء هو خلوّ المكان من مادة معينة، توجد فيه بالطبع، كخلاء "البارومتر".
4 - الخلاء هو الخلوّ من الفكر: كخلو الجملة من المعنى، وخلو الشعر من الخيال.
5 - الخلاء هو البعد المجرّد القائم بنفسه، سواء كان مشغولاً بجسم أم لم يكن. ويسمى بُعدا مفطورا، وفراغا مفطورا (3).
هذا وإن ما يسميه أفلاطون بعدا مفطورا، يسميه المتكلمون فضاء موهوما، وهو الفضاء الذى يثبته الوهم، كالفضاء المشغول بالماء أو الهواء داخل الإناء.
فهذا الفضاء الفارغ هو الذى من شأنه أن يحصل فيه الجسم، وأن يكون ظرفاً له. وبهذا الاعتبار يكون حيزا للجسم، وباعتبار فراغه عن شغل الجسم إياه يكون خلاء (4).
¨ فالخلاء عند المتكلمين، هو هذا الفراغ الذى لا يشغله جسم من الأجسام، وهو غير موجود فى الخارج بالفعل؛ بل هو أمر موهوم.
¨ ومن الحكماء من لم يجوّز خلوّ البعد الموجود من جسم شاغل له، مثل "أرسطو" الذى ذهب إلى أن الطبيعة ترهب الخلاء، ومنهم من جوّزه.
¨ وهؤلاء المجوّزون وافقوا المتكلمين فى جواز المكان الخالى من الشاغل، وخالفوهم فى أن ذلك المكان بُعدٌ موهوم (5).
من يرى امتناع الخلاء:
من الحكماء القدماء الذين يذهبون إلى امتناع الخلاء: أرسطو، وابن سينا. حيث يقول: " الخلاء غير موجود أصلاً، وهو كاسمه، كما قال المعلم الأول (6) ".
ويقول أيضا:
"لا وجود للخلاء، ولا لمقدار ليس فى مادة (7) "
لكن ابن سينا أثبت وجود الملاء Plein على أساس أنه جسم من جهة ما يمانع أبعاده دخول جسم آخر فيه.
ومن الحكماء المحدثين "ليبنتز" الذى يقول:
"إن وجود المادة مناسبة طيبة، لكى يمارس الله سلطانه وجبروته"
ومن أجل ذلك وغيره: أنكر وجود الخلاء على الإطلاق (8).
ويلاحظ أن الخلاف فى جواز الخلاء أو امتناعه، إنما هو بالنسبة لداخل العالم. أما بالنسبة لخارج العالم فقد اتفق الحكماء على وجوده (9).
هذا وقد أثبت الذريّون القدماء وجود الملاء والخلاء:
فهم يرون أن العالم يتألف مما هو موجود، أى من الملاء (الذرات)، ومما هو غير موجود، أى من الخلاء (الفراغ) على حد سواء. لكنهم يذهبون إلى أن الفراغ غير متناه فى امتداده، وأن الذرات كذلك لا متناهية من حيث عددها، وأنه ليس إلا الذرات والخلاء.
كذلك ذهب الذريّون إلى أن الذرات لا تقبل الانقسام فيزيقيا، وأنها متفقة من حيث الكيف. لكنهم لم يقدموا شاهدا تجريبيا مباشرا على وجود الخلاء، سوى مغالطة مؤداها: أن الجسم يتحرك، وأنه لولا الخلاء ما حدث ذلك (10).
أ. د/ عبد اللطيف محمد العبد