22 - الأسرة

لغة: الدرع الحصين، وأهل الرجل وعشيرته، والجماعة التى يربطها أمر مشترك، والجمع أسر، كما فى الوسيط. (1)

واصطلاحا: هى أصغر وحدة فى النظام الاجتماعى، ويختلف حجمها باختلاف النظم الاقتصادية.

1 - ففى المجتمعات القديمة تتكون الأسر من أب أكبر وزوجته، ومعه أولاده وأزواجهم وأولادهم وعبيدهم، وهم يقيمون فى مسكن مشترك أو فى وحدات سكنية مستقلة، ولكن معيشتهم مشتركة، وتحت إشراف رئيس العائلة الذى يتولى مسئوليتهم.

2 - ويطلق على الأسرة التى يكون للرجل أكثر من زوجة فى علم الاجتماع: الأسر المركبة، وهى المكونة من الرجل وزوجاته وأبنائه منهن، ويقوم رئيس العائلة بنفس الدور كزوج وأب لجميع الأبناء، وتوجد هذا الأسرة فى المجتمعات التى تسمح بتعدد الزوجات.

3 - والأسرة الصغيرة أصبحت هى النموذج الوحيد للأسرة فى المجتمعات الصناعية، وهى تتكون من زوج وزوجة وأبناء لم يبلغوا سن الثامنة عشرة.

والأسرة هى الخلية الأولى فى المجتمع وهى البناء الاجتماعى السائد على امتداد التاريخ.

وقد تدخلت الدولة فى العصر الحديث بقوانينها وخدماتها، لشد أزر الأسرة من قوانين الزواج والطلاق، وحقوق كل طرف كما قدمت خدماتها لتعليم الأطفال ورعايتهه صحيا واجتماعيا.

وأساس تكوين الأسرة الزواج فهو نظام اجتماعى تبدأ به الأسرة وتُبنَى عليه، وهو نظام معترف به فى كل زمان ومكان، كأساس لنشأة العلاقات الأسرية، كما أنه النظام المشروع الذى يرضى عنه المجتمع وتعرف الشرائع السماوية لإنجاب الأطفال.

والزواج ضرورة اجتماعية لصالح المجتمع، لأنه ينظم العلاقات بين الذكوروالإناث، كما أنه يؤدى إلى عمران المجتمع بالناس الذين لولاهم لما تكون المجتمع.

لذا عنى الإسلام بالحديث عن العلاقة بين الرجل المرأة، وتنظيمها، وإضفاء صفة القدسية عليها، فذكر أولا أن العلاقة بين الذكر والأنثى هى قاعدة الحياة البشرية، وبين أن عنصرى الأمة (الذكروالأنثى) من أصل واحد، فلا فارق بينهما فى أصل الخلق، وأن ما تكاثر من بنى البشر على وجه الأرض إنما هو منبثق منهما، وعلاقتهما المقدسة سبب مباشر لإعمار الكون، فقال تعالى {ياأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ... } النساء:1 بين الإسلام أن اللبنة الأولى فى بناء المجتمع هى الأسرة، وأن المودة والرحمة هما أساس الحياة الزوجية، كى يسكن كل إلى الآخر ويطمئن إليه فقال تعالى {من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون} الروم:21.

ثم شرع أحكاما للزواج بعضها قبل الدخول حيث بين:

1 - أساس الاختيار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك) (راوه البخارى عن أبى هريرة) (2)

2 - رؤية كل منهما الآخر قبل الخطبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) (رواه الترمزى).

3 - تأدية المهر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التمس ولو خاتما من حديد) (رواه البخارى).

وبعضها بعد الدخول حيث أوصى:

1 - مراعاة كل منهما حقوق الآخر، حتى يكون التألف والتآزر بينهما قائم على أساس المعروف لا على أساس الهوى والنزوة.

2 - كما حدد الإسلام لكل وظيفته فى الأسرة، فالرجل - أساسا - يقوم بالإنفاق على الأسرة وللمرأة ذلك إن دعت الضرورة، ولم ينتج عنه ضرر بحقوق بيتها وزوجها والأسرة التى تقوم على أسس إسلامية فى الاختيار، ورعاية كل لحقوق الآخر، وتاًدية كل عليه من واجبات هى البيئة الصالحة لتربية الأطفال، وحمايتهم من الانحراف، ووقايتهم من كل ما يفسد أخلاقهم، ويتعودون على السلوك الأمثل مما يرونه من تعاطف بين الأبويين ومحبة بينهما.

كما حث الاسلام الأبناء على الإحسان إلى الاباء والبر بهم، فجعل عقوق الوالدين فى مرتبة تلى مرتبة الشرك بالله، فقال تعالى {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبرأحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا} (الإسراء:23 - 24) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور - أو قول الزور -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس، فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) رواه مسلم. (3)

وللزواج نظامان شائعان منذ القدم: زواج فردى وهو النظام الذى يكون فيه للرجل زوجة واحدة، وهو السائد فى معظم دول العالم، وبخاصة الدول المسيحية، لأن الكنيسة لا تعترف بتعدد الزوجات، كما أن الشريعة الإسلامية تعتبره - أى النظام الفردى - القاعدة العامة فى الزواج، وتسمح للرجل - عند الضرورة - بأن يكون له أكثرمن زوجة فى حدود أربع زوجات، إلا أن الزواج الفردى لا يزال من الناحية العملية - هو الشائع فى الدول الإسلامية، إذ تبلغ نسبته فى بعض الأقطار الإسلامية أكثر من 96%.

أ. د/محمد شامة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015