34 - الحقيقة المحمدية

الحقيقة المحمدية اصطلاح ظهر متأخرا فى أدبيات التصوف الاسلامى، وهو يعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور، وأن حقيقته النورية هى أول الموجودات فى الخلق الروحانى، ومن نورها خلقت الدنيا والآخرة، فهى أصل الحياة، وسرها السارى فى كل الكائنات والموجودات الدنيوية والأخروية.

وللحقيقة المحمدية أسماء أخرى عديدة، مثل: "حقيقة الحقائق" و"أول موجود فى الهباء" و"العقل الأول" و"التعين الأول" والقائلون بهذه النظرية يؤكدون على أن الأنبياء والرسل السابقين على محمد صلى الله عليه وسلم هم فى حقيقة الأمر نوابه وورثته، وأن دورهم فى التاريخ إنما هو تجسيد للحقيقة المحمدية، أو الروح المحمدى قبل ظهور جسده الشريف.

ومن الحقيقة المحمدية يستمد كل الأنبياء والأولياء والعارفين علومهم وأنوارهم الإلهية.

وبهذا الاعتبار سمى محمد صلى الله عليه وسلم بنور الأنوار وأبى الأرواح، وسيد العالم بأسره، وأول ظاهر فى الوجود. أما ظهور الجسد المحمدى فهو الصورة العنصربة لمعنى حقيقته النورية.

والنبى صلى الله عليه وسلم فى مفهوم هذه النظرية، هو الجد الأعلى للأنبياء والنبى الخاتم فى آن واحد. ويستند الصوفية فى نظريتهم هذه إلى ظواهر من نصوص القرآن والسنة النبوية ومأثورات السلف الصالح، مثل قوله تعالى: {جاءكم من الله نور وكتاب مبين} المائدة:15، وقوله تعالى: {وسراجا منيرا} الأحزاب:46، ومثل حديث ( ..... متى جعلت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد) (مسند الإمام أحمد 4/ 66. الترمذى، مناقب، 1)، وقول الإمام مالك، وهو يناظر أبا جعفر المنصور، ويأمرء باستقبال القبر الشريف فى دعائه: " .. إنه وسيلتك ووسيلة أبيك آدم ". وللصوفية مروياته أخرى ردها علماء الحديث وأنكروها عليهم.

أ. د/أحمد الطيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015