وردت كلمة "الجلال" فى القرآن الكريم مرتين فى سورة الرحمن، فى قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن:27، وقوله تعالى: {تبارك اسم ربك ذى الجلال والإكرام} الرحمن:78. ومعنى الجلال فى الآيتين: الملك والعظمة والقوة والعزة.
والجليل اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه: العظيم فى ذاته وصفاته وأفعاله، والفرق بين الجليل والكبير والعظيم -فى الأسماء الحسنى- أن اسم الكبيريرجع إلى كمال الذات، والجليل إلى كمال الصفات، والعظيم إلى كمال الذات والصفات معا، وصفات التنزيه ترجع -فيما يرى المتكلمون- إلى صفة الجلال، ويعنون بصفات التنزيه كل صفة تنفى عن الله تعالى معنى لا يليق بذاته المقدسة، كوصفه تعالى بأنه ليس جسما ولا عرضا ولامحتاجا ولا متحيزا فى جهة.
والجلال -فى اصطلاح الصوفية- هو: احتجاب الحق بحجاب العزة عن معرفة حقيقة ذاته المقدسة، فلا يرى ذاته ولا يعلمها على حقيقتها إلا هو، وليس لمخلوق أدنى نصيب فى معرفة "الجلال" أو الكلام فيه، وسبب ذلك ... فيما يقول بعض شيوخ الصوفية: أن الجلال مرتبط بالجمال، وأن جمال الله تعالى يعلو ويدنو.
وعلو الجمال وعزته هو "الجلال" الذى يتكلم فيه العارفون، وهم فى حقيقة الأمر إنما يتكلمون فى جلال الجمال لا "الجلال" المطلق، "فالجلال المطلق" معنى يرجع من الله إليه وحده، وهو مانع يمنع من رؤيته، بخلاف "جمال الجلال" فإنه يتجلى به على عباده، وهو مصحح لرؤيته تعالى فى الجنة، مع تنزهه عن الجهة والتحيز وتوابعهما، كما هو مذهب أهل السنة. وتجلى الجمال يوجب عند الصوفية الفناء والمحو والقهر.
أ. د/أحمد الطيب