لغة: الحرص الشديد، والطمع فى حق الغير، والشح. فيعرف بأنه الحرص الشديد، وقيل أسوأ الحرص على الطعام وغيره، وقيل هو أن تأخذ نصيبك وتطمع فى نصيب غيرك، ويوصف به الشحيح، والمتخلق بالباطل بما ليس فيه (1).
واصطلاحا: طمع فى غير حق، ورغبة فى الحصول على أكثرمما قدر له.
والباعث عليه "كما يقول المارودى: شيئان: الشره، وقلة الأنفة، فلا يقنع بما أوتى وإن كان كثيرا لأجل شرهه، ولا يستنكف مما منع وإن كان حقيرا لقلة أنفته، وهذه حال من لا يرضى لنفسه قدرا، ويرى المال أعظم خطرا، فيرى بذل أهون الأمرين لأجلهما مغنما" (2).
والجشع فى باب المال يجر صاحبه إلى حرمان من فضائل هامة، "ومن أحب المال حتى استعبده المال لم يؤهل لهذه الرتبة (رتبة الفضائل) فإن حرصه على جمع المال يصده عن استعمال الرأفة وامتطاء الحق وبذل ما يجب، يضطره إلى الخيانة والاختلاق والزور ومنع الواجب.
وربما أنفق أموالا جمة محبة منه للمحمدة ولا يريد بذلك وجه الله، بل يتخذها مصيدة ويجعل ذلك مكسبه، ولا يعلم أن ذلك عليه سيئة ومسبة" (3).
ثم هو فى باب الشهرة، والحرص على أن يتصدر اسمه المجالس يجر إلى الكذب والرياء والتصنع، وقبول الدنية سرا، والتظاهر بضدها علنا، رغبة فى إرضاء من يريد منه مكانة أو صلة وبرا (4).
فالجشع الذى هو أسوأ الطمع والحرص مرض نفسى يسبب لصاحبه الهم والذل، لأنه لا يستريح ولا يقنع حتى ولو يحقق ما يسعى إليه، فيظل فى كدر دائم، وذل للحاجة مستمر (5).
وعلاجه فى النزاهة، وهى الترفع عن المطامع الدنية، وفي القناعة والزهد، ففى القناعة رضا تسكن النفس به وتستريح، وفى الزهد استعلاء على ما يذل ففيه عزة، لأنه قيل: "أذل الحرص أعناق الرجال ".
وهذا لا يتحقق إلا لمن آمن بأن للعبد رزقا يطلبه كما يطلبه أجله، وآمن بأنه (ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس)، وآمن بأنه (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه)، وعلم نصيحة رسول الله لأمته: (إن روح القدس نفث فى روعى: إن نفسا لن تموت حتى تستوفى رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب، ولا يحملنكم إبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصى الله تعالى، فإن الله عزوجل لا يدرك ما عنده إلا بطاعته (6)، وكل هذه النصائح النبوية صدى لآيات الله فى الرزق {وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها} هود:6.
{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} الذاريات:56 - 58.
أ. د/أبو اليزيد العجمى