لغةً: الجرح التأثير فى الجسم بسلاح ونحوه (1) والتعديل: التنوية وتقويم الشىء والتزكية (2).
واصطلاحاً: وصف الراوى بصفات تقتضى عدم قبول روايته، والتعديل وصف الراوى بصفات تقتضى قبول روايته، فهى شهادة بالتزكية تسهم فى تصحيح الحديث الذى يرويه.
والجرح والتعديل من أهم علوم الحديث، إذ به يتميز الصحيح من السقيم، والمقبول من المردود من الروايات، ونشأ علم الجرح والتعديل مع نشأة الرواية فى الإسلام وبُدئ فى إرساء أسسه وقواعده منذ عصر الصحابة y، فقد تكلم منهم فى الرواة عدد غير قليل كما تكلم كثير من أئمة التابعين وأتباعهم، ومن أدق ما صنعه أئمة الجرح والتعديل أمران:
الأمر الأول: وضع الرواة المعدَّلين فى مراتب للتعدّيل، والمجرحين فى مراتب للتجريح، ففى التعديل مرتبة تنبئ عن العدالة والضبط التامّين ومرتبة أقل من ذلك قليلا .. وهكذا، وفى التجريح مرتبة تنبئ عن عدم الحفظ، ومرتبة تنبئ عن كذب الراوى، وبينهما مراتب أخرى، ويتبع ذلك الوقوف على درجة حديث الراوى (3).
الأمر الثانى: هو وضع ألفاظ للجرح والتعديل داخل المراتب السابقة تعنى وصفا دقيقا للراوى من حيث عدالته وضبطه، فمثلا قولهم فى راوى الحديث: "ثقة" أو "ثَبْت " يبين أنه فى المرتبة الأولى من مراتب العدالة، وبالتالى حديثه صحيح، وقولهم: "لا بأس به " عند جمهورهم تعنى أن ضبطه يخفّ قليلا عن درجة الثقة وبالتالى يكون حديثه حسنا، وقولهم: "ضعيف" تعنى أنه سيئ الحفظ وبالتالى حديثه ضعيفا، وقولهم: "كذاب" أو "وضَّاع " تعنى أنه فى أدنى مراتب الجرح وأن حديثه موضوع (4).
وألفت الكتب التى تتناول الرواة من حيث الكشف عن كونهم عدولا أو مجرّحين، وهناك الكتب التى تتناول فترة محددة أو كتبا معينة كما أن هناك الكتب الخاصة بالثقات أى المعدلين، والكتب الخاصة بالمجرحين، وهناك الأئمة الذين برعوا فى هذا الشأن وجاءت أحكامهم كأنها ميزان أو هى ميزان دقيق، ومن هؤلاء الأئمة: يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، ولم يخل عصر من العصور منذ عهد الصحابة إلى العصور المتأخرة من عدد كبير من الأئمة النقاد فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى (5).
أ. د/ رفعت فوزى عبد المطلب