الجذب مصطلح صوفى يقصد به "ملاحظة العناية الإلهية للعبد باجتذابه إلى حضرة القرب" وذلك بأن يهيىء الله للمجذوب كل ما يحتاجه فى طريقه لاجتياز المنازل والمقامات، دون كلفة ولا مشقة، وهو يقابل "السالك" الذى يقطع الطريق بالمجاهدة والرياضة.
ويسمى المجذوب "مريدا" كما يسمى السالك "مريدا" أيضا، والفرق بينهما أن المجذوب لا يعانى مشقات الطريق؛ لأنه مختطف بالجذب، بخلاف السالك السائر فإن عليه أن يقطع كل عقبات الطريق.
وقد ظهر هذا المصطلح مبكرا فى مراجع التصوف الإسلامى، حيث تحدث الطوسى (ت 378هـ) فى كتابه "اللمع" عن جذب الأرواح وما يتعلق به من أوصاف ترجع كلها إلى معنى "التوفيق والعناية" في اجتذاب المريد، ويقول شيوخ التصوف: إن صاحب الجذبة يرى فى بدايته ما يكون له في نهايته، وإن جذبة من جذبات الحق تُربى على أعمال الثقلين، وللمجذوب بعد جذبته إلى مقام القرب إحدى حالتين: فقد يستقر فى هذا المقام ولا يرجع إلى ما كان عليه، أولا فيسمى "عاشقا"، وقد يعود إلى حالته الأولى ويواصل سلوكه فيسمى "المجذوب السالك"، وقد تحصل الجذبة للسالك فى نهاية سلوكه فيسمى حينئذ: "السالك المجذوب"، و"المجذوب السالك" و "السالك المجذوب" كلاهما مؤهل لرتبة المشيخة وتربية المريدين، بخلاف "المجذوب المجرد "، أو "السالك المجرد" فإن أيا منهما لا يصلح لهذه الرتبة.
وليس فى كلام الصوفية عن "الجذب" ما يدل على انمحاق العقل، بمعنى "الجنون" المسقط للتكاليف الشرعية، وإن كانت تعريفاتهم تشير إلى أن المجذوب مشتغل بربه، ومنقطع إليه، ومأخوذ عن نفسه.
ويميل "ابن خلدون" إلى اعتبار "المجذوب" فاقدا لعقل التكليف، ويكاد يلحقه بالحمقى والمجانين في سقوط التكاليف الشرعية، ويراه أقل مرتبة من عوام المؤمنين، فضلا عن أن يكون من طبقة الأولياء المقربين.
أ. د/أحمد الطيب