2 - الثغور

لغة: مفردها ثغر.

واصطلاحا: يقصد بها منطقة الحصون التى بنيت على تخوم الشام والجزيرة لصد غزوات الروم، ولهذا أطلق عليها مصطلح "الثغورالرومية ".

وهناك من توسع فى مفهوم "الثغز للدلالة على كل موضع قريب من أرض العدو.

وتبدأ منطقة الثغور هذه من طرسوس فى قليقلة، وتمتد فى طول البلاد حتى ملطية ثم الفرات، وكانت مهمتها حماية إقليم العواصم الممتد على طول الحدود من غارات الأعداء.

وقد فرق الجغرافيون بين الثغور الشامية وثغور الجزيرة عن طريق تقسيمها إلى ثغور عربية وأخرى شامية.

ويقصد بالجزيرة: المنطقة الشمالية الخصبة بين "دجلة والفرات" وتمتد إلى منطقة الدروب عند سلاسل جبال طوروس، كما تمتد إلى الجبال الفارسية.

وقد كثر سكان العرب فى هذه المنطقة قبل الإسلام، ووجدت فيها قبائل وديار ربيعة ومضر وبكر.

وذكر الجغرافيون عددا من الحصون فى منطقة الثغور الشامية هى: ملطية والحدث ومرعش وطرسوس والهارونية والكنيسة السوداء وعين زرنجة والمصيصة وأذنة.

أما منطقة ثغور الجزيرة فمن حصونها: كمخ وشمشاط وألبيرة وحصن منصور وقلعة الروم والحدث والحمراء، ومن أشهر مدن هذا الثغر أنطاكية وبغراس.

وقد تحدث "قدامة بن جعفر" عن الثغور وقال: إن منها ما هو برى وهو ما يلقى بلاد العدو ويقابله من جهة البر، ومنها ما هو بحرى حيث تلقى العدو وتقابله من ناحية البحر، ومنها ما يجتمع فيه الأمران.

أما عواصم هذه الثغور فهى ما وراءها من بلدان الإسلام، وكل منها يعتبر عاصما لأنه يعصم الثغر ويمده فى أوقات النفير.

ولهذا كان إقليم الجزيرة وشمالى الشام وحدة يتمم بعضه بعضا من حيث ارتباط حصونها، وتعرضها لغارات البيزنطيين، وكانت الحملات الإسلامية المتعاقبة فى حاجة إلى قواعد ترتكز عليها، فتطلع المسلمون إلى مد نفوذهم إلى تلك المراكز الأمامية المطلة على ألعدو والمعروفة "بالثغو"، وحصنوها وشحنوها بالجنود، وبدأت العواصم الخلفية وثغورها الأمامية تأخذ مكانتها المتميزة فى نظام الدولة الإسلامية منذ زمن الخلفاء الراشدين.

وهكذا انقسمت الحدود فى زمن الراشدين إلى قسمين:

1 - إقليم العواصم والثغور الشامية للدفاع عن إقليم الشام والإغارة على أرض البيزنطيين بآسيا الصغرى.

2 - إقليم العواصم والثغور الجزرية للدفاع عن شمالى العراق وللحملات التى تقوم منه على أراضى الدولة البيزنطية.

ولما آل حكم الدولة الإسلامية إلى الأمويين واصلوا تخطيط المدن وتمصيرها وإنزال الجنود فيها وتوسيعها، حتى أضحته أمصارا زاخرة بالمقاتلين والسلاح والأيدى العاملة.

وهكذا عاش الناس فى مجتمع الثغور حراسا لدار الإسلام.

وهكذا ظلت مناطق الثغور تنال اهتماما وتحظى بالتطور، إلى أن تغير حال العالم الإسلامى، وتولى أمره الظالمون ممن شغل بالمنكرات والملذات، فضعف أمر الثغور واختل نظامها وانحل عقدها نحو منتصف القرن الرابع الهجرى، العاشر الميلادى.

أ. د/عبد الله جمال الدين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015