لغة: حَكَمْت وأحْكَمت وحكّمت بمعنى منعت ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم لأنه يمنع الظالم من الظلم، وحكّموه بينهم: أمروه أن يحْكُم.
واصطلاحا: تولية الخصمين حاكما يحكم بينهما .. يقول تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} (النساء 65).
وقد وضع فقهاء الإسلام للتحكيم عدة شروط منها:
1 - قيام نزاع وخصومة حول حق من الحقوق.
2 - تراضى طرفى الخصومة على قبول حكم المحكّم، أما المعيّن من قبل القاضى، فلا يشترط رضاهما به، لأنه نائب عن القاضى وفى منزلته.
3 - اتفاق المتخاصمين والحكم على قبول التحكيم كمهمة.
وللمحكِّم أيضا عدة شروط منها:
1 - أن يكون معلوما.
2 - أن يكون أهلاً لولاية القضاء.
3 - أن لا يكون بينه وأحد الخصمين قرابة تمنع من الشهادة. وتعد أشهر حادثة تحكيم فى التاريخ الإسلامى، والتى ألقت بظلالها على التاريخ الإسلامى عبر العصور، هى تلك الحادثة التى وقعت بين على بن أبى طالب - رضي الله عنه - رابع الخلفاء الراشدين، ومعاوية بن أبى سفيان، الذى رفض إعطاء البيعة لعلى بن أبى طالب - رضي الله عنه - واستئثاره بالشام دونه، ومطالبا إياه بدم عثمان بن عفان - رضي الله عنه -. فكان أن حدثت الفتنة بين المسلمين بعضهم وبعض، وانقسموا فريقين فريق يناصر على بن أبى طالب - رضي الله عنه - ومن معه بالكوفة وفريق يناصر معاوية ومن معه بالشام، وما عدا هؤلاء فقد اعتصم ببيته من شر الفتنة، وجرت الحروب بين الفريقين، ومات خلق كثير فيما عرف بوقعة صفين، ولما اشتد القتال بين الفريقين، وصارت العقبة لفريق على بن أبى طالب - رضي الله عنه -، وأوشك فريق معاوية وأصحابه أن يفروا منهزمين فيما عرف بيوم الهرير، نادى معاوية وأصحابه بتحكيم كتاب الله فيما بين الفريقين، فانكسرت شوكة فريق على بن أبى طالب - رضي الله عنه - لانقسامهم عليه بين مؤيد ومعارض، فوافق على بن أبى طالب - رضي الله عنه - على التحكيم رغم علمه بأنها مكيدة وذريعة للنجاة من الهزيمة، وذلك ليوحد صفوف قومه ويحقن دماء المسلمين.
وكان من كل فريق حكم، فمن فريق معاوية عمرو بن العاص ومن فريق على - رضي الله عنه - أبو موسى الأشعرى، وكانت محنة للأمة الإسلامية، امتد أثرها فيما بعد ذلك وعلى مر التاريخ الإسلامى.
(هيئة التحرير)