لغة: التجربة هى الاختبار.
واصطلاحا: هى القضايا التى يحتاج العقل فى جزم الحكم بها إلى تكرار مشاهدتها، ولهذا اللفظ معنيان أحدهما عام، والآخر خاص.
(أ) المعنى العام: هى التجربة بمعنى الاختبار الذى يوسع الفكر ويغنيه، وهى المتغيرات النافعة التى تحصل لملكاتنا، والمكاسب التى تحصل لنفوسنا بتأثير التمرين: أو هى التقدم العقلى الذى تكسبنا إياه الحياة، وفى نظرية المعرفة يطلق لفظ التجربة على المعارف الصحيحة التى يكتسبها العقل بتمرين ملكاته المختلفة، والفلاسفة يفرقون بين التجربة الخارجية (بطريق الإدراك الحسى)، والتجربة الداخلية (بطريق الشعور).
(ب) المعنى الخاص: هى أن يلاحظ العالم ظواهر الطبيعة فى شروط معينة، ففى كل تجربة ملاحظة، والتجربة فى العلم اختبار منظم لظاهرة أو ظواهر يراد ملاحظتها ملاحظة دقيقة ومنهجية للكشف عن نتيجة ما، أو تحقيق غرض معين.
وليس كل ملاحظة تجربة، بل التجربة ملاحظة ظاهرة ما، ملاحظة مقصورة تتضمن تغيير الظروف الطبيعية التى تحدث فيها تلك الظاهرة. وأوضح مثل على الملاحظة فقط ما يقوم به علماء الفلك حين يلاحظون النجوم والكواكب وحركاتها؛ بغية الوصول إلى قوانين تلك الحركات. والتجربة التى تضم فى داخلها الملاحظة أى ما يقوم به علماء النبات والحيوان حين يعزلون نباتا أو حيوانا عن ظروفه الطبيعية للتوصل إلى خصائصه وتركيبه. والتجربة أكثر أهمية من الملاحظة، حيث تفيدنا الأولى فى كشف القوانين التى لا تسمح به مجرد الملاحظة البحتة للظواهر.
وللتجربة شروط عامة تجب مراعاتها حتى تكون موضع ثقتنا، أهمها: الدقة والموضوعية، والتجربة المبنية على الحس تسمى بالتجربة الحسية، أو الخبرة الحسية، ولكن هناك فرق بينهما.
الخبرة هى: أى حالة يكابدها الإنسان كإحساس بلذة أو ألم، أما التجربة الحسية فيجب حصرها داخل المعمل، حيث يقوم العالم التجريبى بملاحظاته، وبهذا المعنى تعتبر كل تجربة نوعا من الخبرة، وإن لم تكن كل خبرة تجربة.
ومعنى التجربة غير مقصور على التجربة الحسية فقط، بل هناك الخبرة الدينية والصوفية. والخبرة النفسية أو الذاتية، المقصود بالأولى ما يكابده المؤمن بالله من سلوك الزهد والتقشف والعبادة والعزلة
وإماتة الشهوات، وهذه خبرات لا يعيها إلا من يكابدها، ولذا فهى تفتقد الموضوعية. أما الخبرة النفسية فقد تكون خبرات نفسية خاصة لا يعانيها إلا الفلاسفة، أو خبرات نفسية مألوفة، وهى التى يعانيها كل إنسان فى حالات اللذة والألم والتذكر والتصور، وغير ذلك.
ا. د/ منى أحمد أبو زيد