التاريخ لغة: فن يبحث عن وقائع الزمان من حيث توقيتها؛ وموضوعه الإنسان والزمان (1). أى: دراسة ماضى البشرية، وهو على هذا المعنى قديم عندهم، نما معرفة ساذجة من معارف العرب قبل الإسلام، ثم تكامل على مر الزمن حتى أصبح علما من أجل علومهم وأعظمها شأنا.
كان عرب الجاهلية لغلبة الأمية عليهم يتذاكرون أيامهم وأحداثهم عن طريق الرواية الشفوية على هيئة أشعار وقصائد أو أخبار متفرقة، ويستثنى من ذلك أهل اليمن والحيرة، فقد نقشوا ألوانا من الخط المسند على مبانيهم دونوا عليها أخبار ملوكهم وشئونهم العامة. ودوّن آخرون أخبار ممالكهم وأودعوها أديار الحيرة وكنائسها (2).
فلما جاء الإسلام، وقامت الدولة الإسلامية، مست الحاجة إلى معرفة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأحواله واستقصاء السنة فتوفر رجال على جمع أخبار السيرة وتدوينها، فكان ذلك بدء اشتغال العرب فى الإسلام بالتاريخ. وذلك لأن التاريخ بوجه عام يقتصر على الأحداث البشرية التى جرت منذ نشأة الكتابة أى ما يقرب من خمسة آلاف وخمسمائة عام.
ويقوم المؤرخون بدراسة جميع جوانب الحياة فى الماضى (اجتماعية، وثقافية، وسياسية، واقتصادية) لاستخلاص الدروس والعبر منها، وتُعَدّ سجلات جديدة لهذه الأحداث تعرف بكتب التاريخ كما أن موقف المؤرخ أقرب إلى موقف الفنان حيث يتمثل كلاهما الواقع بنظرة فردية، إذا أردت أن تعرف تاريخ شخصية معينة تخيل رد فعله من خلال الأحداث التى مرَّ بها.
وتعددت التفسيرات حول المحرك الأساسى للصراعات التاريخية فهناك من يرى الدين سببا لهذه الصراعات وهناك من يرى المادة سببا لهذه الصراعات وهناك من يرى أن السبب الأساسى هو شخصية بعض الأفراد وميولهم.
نظرية نهاية التاريخ:
ولذلك ظهر توجه جديد فى نهاية القرن العشرين يضع نهاية لهذه الصراعات كما لدى فوكوياما فى كتاب: "نهاية التاريخ وخاتم البشر" ويستند فى ذلك إلى أن العالم سيتخذ من الديمقراطية الليبرالية نظاما للحكم. وذلك بالطبع سوف يشكل نقطة النهاية فى التطور الأيديولوجى للإنسانية. وبالتالى فإن ذلك سوف يمثل نهاية التاريخ بانتصار الديمقراطية الليبرالية الغربية.
كما أن ثمة إشارات إلى أن الديمقراطية لا يمكن أن تنشأ فى دولة تكون معها النزعة الوطنية أو العرقية مبالغا فيها لدى أفراد الجماعات المكونة لهذه الدولة.
كما يرى فوكوياما أن الدين فى حد ذاته لم يخلق المجتمعات الحرة فالمسيحية فى رأيه كمعنى كان لزاما عليها أن تلغى نفسها عن طريق صبغ أهدافها بالصبغة العلمانية قبل ظهور الليبرالية (3).
وهذه النظرية مضادة لنظرية صراع الحضارات التى تقسم العالم إلى تكتلات حضارية وثقافية ودينية باعتبار أن ثمة فروقا جوهرية بين الحضارات (4).
(هيئة التحرير)
1 - الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوى ص 7 نشر فى كتاب (فرانز روز نثال) طبعة مؤسسة الرسالة.
2 - تاريخ الأمم والملوك للطبرى 2/ 37.
3 - نهاية التاريخ وخاتم البشر، فرنسيس فوكوياما ص 92 1. 193 مركز الأهرام للترجمة والنشر القاهرة 1993 م.
4 - نحن والعصر مفاهيم ومصطلحات إسلامية د. ناصر الدين الأسد.