لقد اجتذبت فكرة تحضير الأرواح الكثير من الناس في الشرق وفي الغرب مثقفين وغير مثقفين فذهبوا في تثبيتها كل مذهب ظانين أن وراءها نفعا عاجلا وحلا جاهزا لما يدور في رؤوسهم من حب الاطلاع على المغيبات فإذا بهم يلهثون وراء سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.
ولقد كان لفكرة الكشف والتعلق به أقوى حافز عند بعض جهلة المسلمين إلى الولع بفكرة تحضير الأرواح ثم جاء الدافع القوي وهو القول بوحدة الوجود فزاد الطين بلة ورغم أن كثيرا من الكتاب قد أسهموا بإسهام وافر في تثبيت هذه الفكرة من العرب ومن غير العرب. أما من العرب فمن أمثال د. علي عبد الجليل راضي (?)، ومحمد فريد وجدي، ود. رؤوف عبيد الذي أصدر مجلة عالم الروح"، وأحمد فهمي أبو الخير أمين عام الجمعية المصرية للبحوث الروحية وأما زعماؤها في الغرب فهم "سلفر برش" و "هوايت هوك"، حيث أقامها هؤلاء على القول بوحدة الوجود رغم ذلك كله فقد رفضها أهل العقول وسخروا منها ورووا فيها الفكاهات المضحكة والتناقضات الواضحة في أفعال وأقوال وسلوك زعماء هذه الفكرة الضالة الخرافية وعلموا يقينا أن الهدف الأكبر من وراء دعوى تحضير الأرواح إنما هو استجلاب الناس إليهم وخصوصا العوام منهم ليحصلوا على أمور الواحد منها يعتبر مكسبا كبيرا يحوزه هؤلاء أهمها. رفع مكانة أقطاب دعاة الروحية وتعظيم أمرهم في نفوس الناس والحصول على الأموال بدون مشقة وإضعاف التدين في النفوس والإسهام في خدمة اليهودية الحاقدة من وراء ستار.
ولذلك فهم يحاولون بشتى الوسائل ونشر أقوى الدعايات لتقوية قضيتهم في تحضير الأرواح زاعمين أن هذه الأمور إنما حصلت لهم على سبيل الكرامة الإلهية لوصولهم إلى حد معرفة الحقائق والإطلاع عليها مباشرة بدون واسطة أحد أو لأنهم عرفوا بزعمهم كيفية الوصول إلى استحضار الأرواح فلم يعد للغيب مكانة خارجة عن إرادتهم.
وحينما لهث الناس إلى معرفة بعض المغيبات – وخصوصا بعد هذه الحركة العلمية والتطور المادي وظهور التنويم المغناطيسي وجمعيات تحضير الأرواح – استغل هؤلاء هذه الكشوفات وزعموا أنها أدلة لهم على صحة ما يذهبون إليه، ومما ينبغي التنبيه له أنه قد يحصل لبعض الصالحين ممن صفت نفوسهم نوع من الكشف بمعنى الإلهام والنفث في الروع. ولكن ليس ذلك صفة مستمرة كما يدعي الروحيون في زعمهم أن الروح جسم مادي شفاف يستحضرونه متى أرادوا وأن الموتى بعد الموت مباشرة يكونون في عالمنا ومن حوالينا ثم ينتقلون إلى درجة أرفع في هذا العالم وأنه يمكن مكالمة الروح بعد خروجها من الجسم ورؤيتها مجسمة بواسطة شخص يكون فيه الاستعداد لذلك عند إرادة تحضير الروح فتستفيد الروح من استعداده فتكلم الناس بلغات يجهلونها وتنبئ عن أمور الحاضرين من أقاربها ولا شك أن هذا كله دجل وكذب وهوس فارغ وتلك اللغات التي تخاطبهم بها تلك الأرواح إنما هي لغات الشياطين لا أرواح الموتى من بني آدم وهذا جزء من مكر إبليس بأتباعه.
¤المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي 2/ 884