بالطلاق حتى يعلم أنه من أهل بلد ذلك العرف الذي رُتَّبت الفتيا عليه. إلى أن قال: ويكون المفتي في كل زمان يتباعد عما قبله يتفقد العرف هل هو باق أم لا. فإن وجده باقياً أفتى به، وإلا توقف عن الفتيا. وهذا هو القاعدة في جميع الأحكام المبنية على العوائد كالنقود والسكك في المعاملات والمنافع في الإجارات والأيمان والوصايا والنذور في الطلاق. فقد غفل عنه كثير من الفقهاء، ووجد الأئمة الأول قد أفتوا بفتاوى بناء على عوائد لهم وسطَّروها في كتبهم بناء على عوائدهم. ثم جاء المتأخرون ووجدوا تلك الفتاوى فأفتوا بها - وقد زالت تلك العوائد، فكانوا مخطئين خارقين للإجماع؛ لأن الحكم المبني على مَدْرك بعد زوال مدركه خلاف الإجماع (?).
النقود تختلف اليوم في جميع الأقطار فكل قطر من البلاد العربية والإِسلامية له نقد خاص يختلف مسماه وقيمته عن نقد القطر الآخر - ولو كانا متجاورين - ولذلك لا بد من معرفة عملة كل بلد منها ونقده عند إرادة الفتيا والحكم.
ومنها: ألفاظ خلية وبرية والحرام، وحبلك على غاربك ووهبتك لأهلك في الطلاق، هذه كانت في زمن مالك رحمه الله - مثلاً - يلزم به الطلاق الثلاث بناء على عادة كانت في زمانه، ولكن تغيرت العادات فأصبحت هذه الألفاظ لا تستعمل في تلك المعاني، فلا يجوز لنا الفتيا فيها