احْتِطاب

المعنى اللغوى

الاحتطاب فى القاموس: الحطب محركة ما أعد من الشجر شبوبا، وحطب كغرب جمعه كاحتطب.

ويستعمله الفقهاء بمعناه اللغوى.

ويكون الاحتطاب فى الأراضى المباحة التى لم يملكها أحد أو فى المملوكة بإذن من صاحبها. ومن سبق إليه كان أحق به من غيره فيملكه بذلك، والاحتطاب من الأرض في المملوكة لا يحتاج إلى إذن الإمام لأنه من الأشياء المباحة التى لا يفتقر ملكها إلى إذن الإمام (?) . هذا وقد ذكر الأئمة له عدة أحكام تتعلق به.

مذهب الحنفية:

قال الحنفية: لو اشتركا فى الإحتطاب يجب الأجر بالغا ما بلغ عند محمد، لأن المسمى وهو نصف الحطب غير معلوم فلم يصح الحط بأقل (?) .

وهل إذا سرق الحطب تقطع اليد فيه أم لا؟

ورد عن أبى حنيفة أنه لا قطع فى الطعام، ولا فيما أصله مباح (?) .

والحطب فى ملك رجل ملك له فليس لغيره أن يحتطبه بدون إذنه، وإن كان فى غير ملك فلا بأس به ولا يضر نسبته إلى قربه أو جماعة ما لم يعلم أن ذلك ملك لهم، ويملك المحتطب الحطب لمجرد الاحتطاب وإن لم يشده ولم يجمعه (?) .

ولا تجوز الشركة فى الأشياء المباحة مثل الإحتطاب والاحتشاش والاصطياد وكل مباح، لأن الشركة متضمنة معنى الوكالة، والتوكيل فى أخذ المباح باطل، لأن أمر الموكل به غير صحيح، والوكيل يملكه بغير أمره فلا يصلح نائبا عنه، وما أصطاده كل واحد منهما أو احتطبه أو احتشه فهو له دون صاحبه لثبوت الملك فى المباح بالأخذ، فان أخذاه معا فهو بينهما نصفان لاستوائهما فى سبب الاستحقاق، وأن أخذه أحدهما ولم يعمل الآخر شيئا فهو للعامل وإن عمل أحدهما وأعانه الآخر، بأن حمله معه أو حرسه له فللمعين أجرة مثله لا يجاوز به نصف ثمن ذلك عند أبى حنيفة وأبى يوسف، وعند محمد بالغا ما بلغ (?) .

مذهب المالكية:

قال المالكية: لو قال لآخر: إحتطبْ على دابتى ولك نصف الحطب جاز إن علم ما يحتطبه عليها بعادة أو شرط وسواء فى ذلك إن قيد بزمن كيوم لى، ويوم لك، أم لم يقيده كنقلة لى ونقلة لك، فالأجرة هنا واجبة، ومثل الدابة السفينة والشبكة ونحوهما فيجوز بنصفه ما يحمله عليها إذا كان معينا من مكان معين (?) .

مذهب الشافعية:

قال الشافعية: يصح التوكيل فى تملك المباحات كالإحياء والاصطياد والاحتطاب فى الأظهر ومقابله المنع، والملك فيها للوكيل (?) .

مذهب الحنابلة:

قال الحنابلة: يجوز للشخص أن يستأجر رجلاً ليحتطب له لأنه عمل مباح تدخله النيابة فأشبه حصاد الزرع، ويصح التوكيل فى تملك المباحات من الصيد والاحتطاب والحشائش ونحو ذلك كإحياء الموات وهذا هو الصحيح من المذهب (?) . وتصح شركة الأبدان فى الاحتشاش والاصطياد والتلصص على دار الحرب، وسائر المباحات كالاحتطاب (?) .

قال الزيدية: لو استأجر شخص من يصطاد له أو يحتش أو يحتطب أو يسقى أو نحو ذلك من المباح فلا يصح الاستئجار- وكذا لو عقد اثنان شركة فى ذلك- أو وكل رجل غيره لم يصح ولو نواه للغير بل يملكه الفاعل إذا فعل فى الأصح من المذهب.

وقال المتوكل بالله: يصح التوكيل فيه ... وعلى الأصح من المذهب لا أجرة له من الآمر إلا أن ُيكرِهُه (?) .

مذهب الإمامية:

قال الإمامية: إذا أستأجر غيره للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاصطياد من المباحات مدة معينة صحت الإجارة، ويملك المستأجر ما يحصل من ذلك فى تلك المدة هذا ولا تدخل النيابة فى الاحتطاب والاحتشاش، لأنه تعلق قصد الشارع بإيقاعه من المكلف مباشرة، لو احتطب أو احتش بنية أنه له ولغيره لم تؤثر تلك النية وكان بأجمعه له خاصة (?) .

مذهب الإباضية:

قال الإباضية: وجاز احتطاب شخص أو أخذه الشوك أو الحشيش من أرض آخر على أن الحطب بينهما مثلا، وإنما جاز لأنه قد رأى الأرض مع ما فيها، أو لم ير لكنه قد عقد أن له النصف مثلا فى كل ما حطب (?) .

الاحتطاب فى أرض الحرم

مذهب الحنفية:

قال الحنفية: إن قطع حشيش الحرم أو شجرة ليست مملوكة لأحد وهو مما لا ينبته الناس فعليه قيمته (?) إلا ما جف منه ... وما جف من شجر الحرم لا ضمان فيه لأنه ليس بنام (?) .

مذهب المالكية:

قال المالكية: حرم على المكلف بالحرم محرما أو غيره، آفاقيا ومن أهل مكة قلع ما نبت بنفسه ولو كان قطعه لإطعام الدواب على المعتمد، ولا فرق بين الأخضر واليابس إلا الأذخر (?) ، كما ورد فى الحديث استثناء الأذخر والملحقات به وهى السنا والسواك والعصا (?) .

مذهب الشافعية:

قال الشافعية: ويحل من شجر الحرم الأذخر قلعا وقطعا لاستثنائه فى الخبر. وكذا الشوك كالعوسج (?) وغيره من كل مؤذ منتشر من الأغصان المضرة فى طريق الناس عند الجمهور، والأصح حل أخذ نباته من حشيش أو نحوه لعلفه البهائم وللدواء كحنظل للحاجة إليه (?) .

مذهب الحنابلة:

قال الحنابلة: ويباح الانتفاع بما أنكسر من الأغصان وبما انقطع من الشجر بغير فعل آدمى وكذا الورق الساقط يجوز الانتفاع به (?) .

مذهب الظاهرية:

قال الظاهرية: من احتطب فى حرم المدينة خاصة فحلال سلب ما وجد معه فى حاله تلك ويجرد من ثيابه إلا مما يستر عورته فقط لما ورد عن عامر بن سعد قال: إن سعدا (أباه) ركب إلى العقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فسألوه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم، فقال: معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبى أن يرده عليهم (?) .

مذهب الزيدية:

قال الزيدية: من محظورات الإحرام قطع شجر من الحرمين أو رعيه. فلو كان يابسا جاز قطعه، فلو كان مؤذيا كالعوسج ونحوه مما له شوك مؤذ فيجوز قطعه فلو كان مستثنى كالاذخر جاز قطعه. أما لو كان أصله فى الحل وفرعه فى الحرم جاز قطعه وأن يكون مما ينبت بنفسه (?) .

مذهب الإمامية:

قال الإمامية: ولا كفارة فى قلع الحشيش وإن أثم فى غير الأذخر، وما أنبته الآدمى ومحل التحريم فيهما الاخضرار، أما اليابس فيجوز قطعه مطلقا لا قلعه إن كان أصله ثابتا (?) .

مذهب الإباضية:

قال الإباضية: وجاز لمحرم احتطاب وشد محمله أى ربطه والعقد عليه إلا على نفسه منه ولا يحل وإن لمحل شجر الحرم، ويجوز رعيه. ولا يجوز قطع اليابس أيضا، وجوز رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذخر (?) .

والأصل فى شجر الحرم أنه غير مستنبت ففيه الجزاء، وعن ابن محبوب فى عود صغير فى الحرم إطعام مسكين، وقيل فى كسر عود درهم ولو صغيرا كسواك (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015