إحتباس

المعنى اللغوى:

جاء فى القاموس: " إحتبسه: حبسه فأحتبس، لازم ومتعد ".

الإحتباس وسيلة لوجوب

نفقة الزوجة

وهذا يقتضى إن نبين ما يكون به الإحتباس وما يفوت به الإحتباس الموجب للنفقة فى المذاهب.

مذهب الحنفية:

يرى الحنفية، كما فى الهداية

وشروحها (?) :

أن النفقة واجبة للزوجة على زوجها سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة اذا سلمت نفسها غليه، فعليه نفقتها وكسوتها وسكناها، والأصل فى ذلك قوله تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته " (?) ، ولأن النفقة

وقالوا أيضا: ولا بأس بالحبوة نصا مع ستر العورة وفعله جماعة من الصحابة وكرهه الشيخان لنهيه عليه الصلاة والسلام عنه، رواه أبو داود والترمذى وحسنه، وفيه ضعفا (?) .

مذهب الظاهرية:

إما ابن حزم الظاهرى فقال: الاحتباء جائز يوم الجمعة والإمام يخطب.

وروى عن ابن عمر أنه كان يحتبى يوما الجمعة والإمام يخطب. وكذلك عن أنس ابن مالك وشريح وصعصعة بن صوحان وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعى، ومكحول، وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبى وقاص، ونعيم بن سلامة، ولم يبلغنا عن أحد من التابعين أنه كرهه إلا عبادة بن نى وحده، ولم ترو كراهة ذلك عن أحد من الصحابة رضى الله عنهم (?) .

مذهب الزيدية:

أما الزيدية فقد ذهبوا إلى عدم جوازه ونصوا على انه لا يحتبى للخبر عن معاذ بن انس أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب (?) .

مذهب الإمامية:

وقال الإمامية: يجوز الاحتباء ولو فى ثوب يستر العورة لما ورد فى الحديث عن الإمام- الصادق- فيما رواه سماعة- قال سألت أبا عبد الله عن الرص يحتبى بثوب

جزاء الإحتباس فكل من كان محبوسا بحق لغيره كالقاضى والعامل فى الصدقات والمفتى والوالى، والمضارب، والمقاتلة إذا قاموا بدفع عدو المسلمين.. والنساء محبوسات لحق الزوج فتجب نفقتهن عليهم مسلمات كن أو لا، ولو غنيات.

وقال كل من صاحبى فتح القدير والعناية تعليقا على قول الميرغينانى فى الهداية: " اذا سلمت نفسها فى منزله " ليس شرطا لازما فى ظاهر الرواية، بل من حين العقد على الصحيح وإن لم تنتقل إلى منزل الزوج إذا لم يطلب الزوج انتقالها ت فإن طلبه فامتنعت لحق لها كمهرها لا تسقط النفقة أيضا، وإن كان لغير حق فلا نفقة لها لنشوزها.

وقال بعض المتأخرين: لا نفقة لها حتى تزف إلى منزل الزوج، وهو رواية عن أبى يوسف، وليس الفتوى عليها.

ونقل الكمال عن بعض الفقهاء أن تسليمها نفسها شرط بالإجماع، وفيه نظر.

ونقل صاحب العناية ما يؤيد أن الشرط ليس بلازم على إطلاقه، فقال: أن النفقة حق المرأة، والانتقال حق الزوج فإذا لم يطالبها بالنقلة فقد ترك حقه، وهذا لا يوجب بطلان حقها.

ويقولون (?) : إن المرأة إذا امتنعت عن تسليم نفسها قبل الدخول أو بعده حتى يعطيها المهر فلها النفقة لأنه منع بحق فكمان فوت الإحتباس لمعنى من قبله فيجعل كأنه ليس بفائت، وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزله، لأن فوت الاحتباس منها وإذا عادت جاء الاحتباس فتجب النفقة، وإذا امتنعت من التمكين فى بيت الزوج فلها النفقة، لأن الإحتباس قائم والزوج يقدر على الوطء كرها، وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها فلا نفقة لها لأن امتناع الاستمتاع لمعنى فيها.

والإحتباس الموجب للنفقة ما يكون وسيلة إلى مقصود مستحق بالنكاح، ولم يوجد، لأن الصغيرة التى لا تصلح للجماع لا تصلح لدواعيه، لأنها غير مشتهاة، وإذا كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوطء وهى كبيرة فلها النفقة من ماله لأن التسليم قد تحقق منها، وإنما العجز من قبله فصار كالمجبوب والعنين، وإذا حبست المرأة فى دين (?) .

فلا نفقة لها لأن فوت الاحتباس منها بالمماطلة، وإن كانا عاجزين بأن كانا صغيرين ففيه بحث. قال الكمال: والتحقيق أن النفقة لا تجب إلا تسليمها لاستيفاء منافعها المقصودة بذلك التسليم، فيدور وجوبها معه وجودا وعدما فلا تجب "فى الصغيرين، وتجب فى الكبيرة تحت الصغير.

قالوا: وإذا غصبها رص كرها فذهب بها فلا نفقة لها، وعن أبى يوسف أن لها النفقة.

قال الميرغينانى: والفتوى على الأول لأن فوت الاحتباس ليس منه حتى يجعل باقيا تقديرا 0

وإذا حجت مع محرم. فلا نفقة لها لأن فوت الاحتباس منها، وعن أبى يوسف

آن لها النفقة لأن إقامة الفرض عذر، ولكن تجب عليه نفقة الضر دون السفر لأنها هى المستحقة عليه، ولو سافر معها الزوج تجب النفقة بالاتفاق لأن الاحتباس قائم لقيامه عليها وتجب نفقة الحضر دون السفر.

وإذا مرضى فى منزل الزوج قال الميرغينانى: لها النفقة، والقياس إن لا نفقة لها إذا كان مرضا يمنع من الجماع لفوت الاحتباس للاستمتاع.

وجه الاستحسان إن الاحتباس قائم فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت، والمانع بعارض فأشبه الحيض.

وعن أبى يوسف إنها إذا سلمت نفسها ثم مرضت تجب النفقة لتحقق التسليم ولو مرضت ثم سلمت نفسها لا تجب لها النفقة لأن التسليم لم يصح.

وقال الكاسانى فى الاستدلال بالمعقول (?) :

أن المرأة محبوسة بحبس النكاح حقا للزوج ممنوعة عن الاكتساب بحقه، فكان نفع حبسها عائدا إليه فكانت كفايتها عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: " الخراج بالضمان " ولأنها إذا كانت محبوسة بحبسه ممنوعة من الخروج للكسب بحقه فلو لم تكن كفايتها عليه لهلكت، ولهذا جعل للقاضى رزق فى بيت مال المسلمين لحقهم لأنه محبوس لجهتهم ممنوع عن الكسب، فجعلت نفقته

فى مالهم وهو بيت المال.

كذا هنا، وقال: إن سبب وجوب النفقة للزوجة عند أصحابنا استحقاق الدق الثابت بالنكاح للزوج عليها، والدليل على ذلك أن حق الحبس الثابت للزوج عليها بسبب النكاح مؤثر فى استحقاق النفقة لها عليه لما بينا.

ثم قال: إن النفقة تجب للزوجة فى العدة من نكاح صحيح بهذا السبب، وهو استحقاق الحبس للزوج عليها بسبب النكاح لأن النكاح قائم من وجه فتستحق النفقة كما كانت تستحقها قبل الفرقة أولى، لأن حق الحبس بعد الفرقة تكد بحق الشرع وتأكد السبب يوجب تكد الحكم، سواء كانت العدة عن فرقة بطلان أو عن فرقة بغير طلاق من قبل الزوج أو من قبلها، إلا إذا كانت من قبلها بسبب محظور استحسانا. وأطال فى تفصيل ذلك.

وقال صاحب الدر أيضا (?) : لو سلمت نفسها بالليل دون النهار أو عكس ذلك،- فلا نفقة لها لنقص التسليم.

ونقل عن المجتبى أن ذلك يدلنا على جواب واقعة فى زماننا، أنه لو تزوج من المحترفة التى تكون بالنهار فى مصالحها وبالليل عنده فلا نفقة لها. وقال فى النهر فيه نظر.

وبين ابن عابدين وج النظر بأنها معذورة لاشتغالها بمصالحها بخلاف المقيس عليه

فإنه لا عذر لها فنقص التسليم منسوب إليها..

ونقل ابن عابدين عن الهندية أن الأمة إذا سلمها السيد لزوجها ليلا فقط ضلي السيد نفقة النهار وعلى الزوج نفقة الليل، وقياس المحترفة كذلك.

ثم قال ابن عابدين: إن له منعها من الغزل وكل عمل ولو قابلة ومغسلة. فان عصته وخرجت بلا أذنه كانت ناشزة ما دامت خارجة، وان لم يمنعها لم تكن ناشرة.

مذهب المالكية:

جاء فى متن خليل والشرح الكبير (?) : "تجب النفقة لممكنة من نفسها مطيقة للوطء بلا مانع بعد أن دعت هى أو مجبرها) أى من له حق إجبارها على الزواج (أو وكيلها للدخول "، وعلق الدسوقى على ذلك نقلا عن ابن سلمون بقوله: ان الممكنة هى التى لا تمتنع من الوطء إذا طلبت، بوأها زوجها معه بيتا أم لا.-

وقال الدردير: إن النفقة لا تجب لغير ممكنة، أو التى لم يحصل منها أو من وليها دعاء، أو صل قبل مضى زمن يتجهز فيه كل منهما، ولا لغير مطيقة، ولا مطيقة بها مانع كرتق إلا أن يتلذذ بها مع علمه - بالمانع.

ثم قال (?) : ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه كأبوية، إلا الوضيعة فليس لها الامتناع من السكني مم، وكذا الشريفة إن اشترطوا عليها سكناها معهم.

وعلق الدسوقى على ذلك بقوله إن لها حق الإقناع ولو بعد رضاها بسكناها معهم ولو لم يثبت الضرر لها بمشاجرة ونحوها.

ثم قال: والظاهر أفه ليس لها الامتناع من السكنى مع خدمه وجواريه.

وقال بعضهم: أن لها الامتناع من السكنى معهم ولو لم تحدث بينها وبينهم مشاجرة بدليل تعليل ابن رشد وغيره عدم السكنى مع أهله بقولهم لما عليها من الضرر باطلاعهم على أمرها وما تريد أن تستره عنهم من شأنها.

وقالوا (?) : إن النفقة تسقط إن منعت زوجها الوطء أو الاستمتاع بدونه فتسقط نفقتها عنه فى اليوم الذى منعته فيه من ذلك، وكذلك إذا خرجت من محل طاعته بلا إذن ولم يقدر على ردها بنفسه أو رسوله أو حاكم ينصف، وهذا إن لم تكن حاملا وإلا فلها النفقة وإن خرجت.

وقيد الدسوقى الخروج المسقط للنفقة بما إذا كانت ظالمة فى ذلك الخروج لا ما إذا كانت مظلومة، ولا حاكم ينصفها.

ثم قال: أن الهاربة خفية لمكان مجهول تسقط نفقتها، ولو قدر على ردها أو عم بمكانها..

ويقول ابن رشد (?) : إن هناك اختلافا فى شأن الزوج غير البالغ هل تجب عليه النفقة، وسبب اختلافهم هل النفقة لمكان الاستمتاع أو لمكان أنها محبوسة على الزوج كالغائب والمريض.

وجاء فى المدونة (?) : إن مالكا يقول فى المريضة إذا دعته للدخول بها، وكان مرضها إلا بمنع من الجماع فان النفقة لازمة للزوج، أما إذا كان لا يقدر على جماعها فى المرض فدعت إلى البناء بها وطلبت النفقة فان لها ذلك.

وقال مالك فى الأمة (?) : إن لها النفقة وإن وأنت تبيت عند أهلها.

وقال الدردير (?) فى المطلقة: إن المطلقة رجعيا لا تسقط نفقتها مطلقا، والبائن تسقط نفقتها إن لم تحمل، على تفصيل فيما يجب من أنواع النفقة، على ما يتبين فى مصطلح "نفقة".

وقال خليل الدردير (?) : أن المرأة إن ح! بست فى دين فلا تسقط نفقتها لأن المنع من الاستمتاع ليس من جهتها وكذلك ان حبسته مى. فى دين لها عليه لاحتمال أن يكون معه مال أخفاه فيكون متمكنا من

الاستمتاع بأدائه لها، ولو حبسه غيرها لم تسقط بالأولى، وكذلك إذا حجت الفرض لا تسقط نفقتها ولو بغير أذنه أو حجت تطوعا بإذنه ولها نفقة الحضر.

مذهب الشافعية:

جاء فى الإقناع على متن أبى شجاع (?) : إن النفقة واجبة للزوجة الممكنة نفسها تمكينا تاما لأنها سلمت ما ملك عليها فيجب ما يقابله من الأجرة لها ولا تجب بمجرد العقد لأنه صلى الله عليه وسلم تزوج طائشة وهى صغيرة ودخل بها بعد سنتين ولم ينقل أنه أنفق عليها قبل الدخول، ولو كان حقا لها لساقه أليها، ولو وقع لنقل.

وعلل البجرمى فقال: إن النفقة دائرة مع التمكين وجودا وعدما.

ويقول الخطيب: فإن لم تعرض عليه زوجته مدة مع سكوته عن طلبها ولم تمتنع فلا نفقة لها لعدها التمكين، وان عرضت عليه وهى عاقلة بالغة مع ضرورة فى بلدها كأن بعثت إليه تخبره أنى مسئمة نفى إليك، فاختر أن آتيك حيث شئت "وتأتى

إلى وجبت نفقتها من حين بلوغ الخبر، ولو اختلف الزوجان في التسكين، فقالى مكنت فى وقت كذا فأنكر ولا بينة صدق بيمينه لأن الأصل عدمه (?) .

وعلق البجرمى على قول الخطيب " أن النفقة واجبة للزوجة الممكنة " فقال: أن

الممكنة تصدق بالمسلمة والذمية والأمة ويخرج بها غير الممكنة فلا نفقة لها.

ثم قال (?) : إن عدم التمكين يحصل بأمور منها: النشوز، ومنها الصغر بخلاف الكبيرة إذا كان زوجا صغيرا فلها النفقة، ومها العبادات التى تمنع التمكين، فإذا أحرمت بحج أول عمرة بغير إذنه وهى فى البيت فلها النفقة ما لم تخرج، لأنه قادر على تحليلها أو بإذنه فان لم يخرج معها فلا نفقة لها، وكذا إذا صامت تطوعا بغير إذنه أو امتنع من الإفطار فليس لها النفقة.

ويقول: إذا نشزت بعض النهار سقطت جميع نفقة ذلك اليوم، وإذا نشزت بعض الليل سقطت نفقة اليوم الذى بعده.

ثم قال: إن التمكين غير التام يسقط النفقة كما اذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء ولو تمتع بالمقدمات وما إذا كانت أمة مسلمة له نهارا لا ليلا أو العكس أو فى نوع من التمتع دون آخر.

وقالوا فى زوجة المعسر الذى أمهله الحاكم بالنفقة أن لها الخروج لتحصيل نفقة بكسب أو سؤال، وعليها رجوع لمسكنها ليلا لأنه وقت الدعة وليس لها منعه من التمتع.

وفى نهاية المحتاج (?) : أن النفقة تسقط بالنشوز ولو بحبسها ظلما أو حقا وإن كان

الحابس هو الزوج وبالأولى تسقط لو حبسته ولو بحق للحيلولة بينه وبينها.

وقال (?) : أن المرض الذى يضر معه الوطء والحيض أيضا عذر فى عدم تمكينها من الوطء فتستحق المؤن.

قال: والخروج من البيت الذى رضى بإقامتها فيه ولو بيتها أو بيت أبيها بلا أذن منه ولا ظن رضاه نشوز، إلا أن يشرفه على الانهدام، أو الخروج لقاض لطلب الحق أو تعلم أو استفتاء ان لم يفتها زوجها أو المحرم، أو يخرجها معتد ظلما فليس بنشوز وتستحق النفقة.

وقال (?) : وتجب النفقة للمطلقة رجعيا حرة أو أمة ولو حاملا لبقاء حبس الزوج وسلطنته والبائن لا نفقة لها.

مذهب الحنابلة:

يقول ابن قدامه (?) فى باب عشرة النساء:

إذا تزوج امرأة فطلب تسليمها إليه وجب ذلك وان عرضت نفسها عليه لزمه تسلمها ووجبى نفقتها وإن طلبها فسألت الأنظار أنظرت مدة جرت العادة إن تصلح أمرها فيه: ثم أن كانت حرة وجب تسليمها ليلا ونهارا وان كانت أمة لم يلزم تسليمها إلا بالليل لأنها مملوكة عقد على إحدى منفعتيها فلم يلزم تسليمها فى غير وقتها، وعلل ذلك (?) فى موضع آخر بأن النفقة فى مقابلة

التمكين وقد وجد منها بالليل فتجب النفقة على الزوج فيه فقط.

ثم قال: وللزوج منعها من الخروج من منزله إلى ما يمكن الاستغناء عنه ولو لزيارة الوالدين أو عيادتهم أو حضور جنازة أحدهما ولا جوز لها الخروج إلا بإذنه ولكن لا ينبغى للزوج منعها من عيادة الوالدين وزيارتهما.. وان كانت مسلمة فقال القاضى له منعها من الخروج إلى المسجل.

وقال (?) : وإذا رضيت بالمقام مع الزوج وهو معسر لم يلزمها التمكين من الاستمتاع وعليه تخلية سبيلها لتكتسب لها وتحصل ما تنفقه على نفسها لأن فى حبسها بغير نفقة إضرار بها ولو كانت موسرة أيضا وهو" معسر لم يكن له حبسها لأنه إنما يملك حبسها إذا كفاها المئونة وأغناها عن ما لابد لها منه، ولحاجته إلى الاستمتاع الواجب عليها فإذا انتفى الأمران لم يملك حبسها.

ويقول (?) : إن المرأة تستحق النفقة علي زوجها بشرطين:

أحدهما: أن تكون كبيرة يمكن وجوها فان كانت صغيرة لا تحتمل الوطء فلا نفقة لها لأن النفقة تجب بالتمكين من الاستمتاع ولأن من لا تمكن الزوج من نفسها لا يلزم الزوج نفقتها.

الثانى:. أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها فإن منعت نفسها أو منعها أولياؤها

أو تساكنا بعد العقد فلم تبذل ولم. يطلب فلا نفقة لها وان أقاما زمنا واستدل بحديث عائشة السابق 0

ثم قال: ولأن النفقة تجب فى مقابلة التمكين المستحق بعقد النكاح، ولو بذلت تسليما غير تام لم تستحق النفقة إلا إذا كانت اشترطت ذلك فى العقد وتجب لها النفقة وإن غاب الزوج بعد تمكينها لأنها استحقتها بالتمكين ولم يوجد ما يسقطها، وأن غاب قبل تمكينها فلا نفقة لها عليه. وإذا مكنت وزوجها صغير أجبر ولمجا على نفقتها من مال الصغير وأن بذلت الرتقاء أو الحائض أو المهزولة التى لا يمكن وطؤها أو المريضة تسليم نفسها لزمه نفقتها لأنه لا تفريط من جهتها (?) . وللمرأة أن تمنع نفسها حتى تتسلم صداقها وإذا سافرت بغير إذنه سقطت نفقتها، وكذلك اذا انتقلت من منزله بغير إذنه وأن سافرت بإذنه فى حاجته فهى على نفقتها، وان كانت حاجة نفسها سقطت نفقتها لأنها فوتت التمكين لحط نفسها إلا أن يكون مسافرا معها متمكنا من الاستمتاع بها، وسواء كان سفرها لتجار أو بم تطوع أو زيارة وان أحرمت بالحج الواجب أو العمرة الواجبة فى الوقت الواجب من الميقات فلها النفقة لأنها فعلت الواجب عليها بأصل الشرع فلم تسقط نفقتها كما لو صامت رمضان.

والقياس أن الاعتكاف بغير إذن كالسفر- وان، كان بإذنه فلا نفقة لها أيضا على قول الخرقى، وقال القاضى: لا النفقة.

وقال ابن قدامه (?) : اذا طلق امرأته طلاقا بائنا فان كانت حاملا استحقت النفقة وإن كانت حائلا فلا نفقة لها على خلاف فى السكنى، والمطلقة رجعيا لا النفقة.

مذهب الظاهرية:

يقول ابن حزم (?) : على الزوج كسوة الزوجة ونفقتها مذ يعقد النكاح صغيرة كانت أو كبيرة دعى إلى البناء أو لم يدع نشزت أو لم تنشز حرة كانت أو أمة بوأت معه فى بيت أو لم تبوأ.

مذهب الزيدية:

يقول صاحب البحر الزخار (?) : تسلم البالغة نفسها تسليما تاما لا فى جهة دون أخرى، فإن قالت لا أسلم تمسى إلا فى هذا المكان أو بشرط ألا تكشف ثيابي فنشوز مسقط للنفقة، فإن عقد فلم يطالب ولا سلمت تمسها مدة فالمذهب وجوبها.

وقال الإمام يحي: إن تسليم الولى للبالغة الكارهة لا يوص لا يوجب إذا لم يتسلمها إذ لا ولاية أتولى فى مالها، فإن أرادت تسليم نفسها للغائب أعلمت الحاكم فراسله وفرض لها بحد صحة تمرده، فإن عاقه عن تسلمها عائق فى سفره فلا نفقة لها حتى يتسلمها.

وإذا أسلمت المراهقة نفسها أو وليها فكالكبيرة، فان امتنعا فالقياس يقتضى كونه نشوزا.

وقال الإمام يحيى فى غير المراهقة ان تسليمها كلا تسليم، وإن صلحت وفى ذلك خلاف فى المذهب، وعليه نفقة الطفلة إلى لا تصلح خلافا لبعضهم لأنها محبوسة من أجله غير ممتنعة كالمريضة وتلزم النفقة الصغير فى ماله.

وقال الإمام يحيى: يحتمل ألا تجب إذ لا- تمكين. قلنا العذر من جهته كما لو هرب وخروجها بغير إذنه مسقط للنفقة فإن خرجت بإذنه لحاجته وجبت.

وجاء فى البحر أيضا فى الموضوع: وإذا امتنعت لتسليم المهر فلها النفقة إجماعا، وإذا نشزت ثم طلقت فلا نفقة للعلة ما لم تتب.

وفى موضع آخر (?) : ولا يلزم السيد تسليم أمته لزوجها نهارا لملكه استخدامها فان فعل لزمت نفقتها لتمام التسليم.

وقال الإمام يحيى: يحتمل إن يلزمها نصفها بتسليم الليل وتسقط نفقتها بالإحرام بغير إذنه، فان صامت بإذنه لم تسقط وله منعها من التطوع، فان صامت بعد منعه فناشزة وإن لم تخرج من المنزل.

مذهب الشيعة الجعفريه:

تجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم بشرط التمكين الكامل (?) وهو إن تخلى بينه

وبين نفسها قولا وفعلا فى كل زمان ومكان يسوغ فيه الاستمتاع. فلو بذلت فى زمان دون زمان أو مكان دون مكان وكان كل من الزمان والمكان يصلح للاستمتاع فيه فلا نفقة لها.

ثم قال: وحيث كان مشروطا بالتمكين فلا نفقة للصغيرة التى لم تبلغ سنا يجوز الاستمتاع بها بالجماع على أشهر القولين لفقد الشرط وهو المكين من الاستمتاع، ولو كانت كبيرة ممكنة والزوج صغيرا وجبت النفقة لوجود المقتضى وانتفاء المانع لأن الصغر لا يصلح للمنع. ولا نفقة للناشزة الخارجة عن طاعة الزوج ولا للساكتة بعد العقد ما لم تعرض التمكين عليه بأن تقول: سلمت نفسى إليك فى أى مكان شئت، ونحو ذلك وتعمل بمقتضى قولها حيث يطلب، ومقتضى ذلك أن التمكين الفعلي خاصة غير كاف.

مذهب الإباضية:

جاء فى النيل وشرحه (?) : " لا يلزم الزوج حق البكر، كنفقتها، وهى التى لها أب لتعلق حقوقها به حتى يجلبها، أى يتسلمها الزوج، أو يقول له أبوها اجلبها أو تجئ إليه على ألا ترجع إلى أبيها أو أمسكها وإن لم يكن لها أب كذلك، ولو كانت ثيبا لزمت حقوقها من حين العقد.

وإن ترك الزوج جلبها، أى أخذها، تهاونا بها لزمه نفقتها وكسوتها وسكناها ومؤونتها ولو لم تطلب الجلب.

ثم قال: إن المجىء إلى زوجها حق عليها فلا يلزمه كراء الدابة أو السفينة ونحو ذلك للقدوم عليه من غيبتها.

وجاء فيه (?) : إن الزوجة إن مضت لواجب حج لزمته نفقتها فى الرجوع وقيل فى الذهاب، والصحيح أنها لا تلزم هو فى الذهاب لأن الحج فرض عليها وليمس فى ذهابها إليه حق لزوجها لأنها فارقته بالسفر بخلاف الرجوع فانه رجوع إلى حقوقه بعد الذهاب عها وبخلاف ما إذا كان الحج نفلا فإن إذنه لها فيه ترك لحقوقه عليها ما لم ترجع لا لحقوقها عليه ما أمكنت فلا تبطل نفقتها وكسوتها.

ثم قال: إن حقوقها لازمة فى حيضها ونفاسها وفى نهار رمضان مع انه ممنوع من وقاعها، مع انه لو منعت امرأة زوجها من وقاعها وأباحت المقدمات لأبطلت حقوقها.. قال (?) : وإن سافر معها لزمه كراء الدابة وسائر حقوقها الممكنة فى السفر ذهابا ورجوعا.

ثم قال (?) : وإن حبست فى تعدية بسبب اعتداء فعليه مؤوتنها، ولها أن تطلبه أن يأتيها فى الحبس وأن تغلق الباب عليه معها، وإن حبست فى تعدية منها.

فكانت محبوسة على الحق أو من الحابس أو من غيره فتكون محبوسة على غير الحق فعليه مؤنتها لأنها إن حبست على الحق فليست تعديتها مبطلة لحقها لأن له

أن يأتيها فى الحبس وإن حبست على غير حق فذلك مصيبة لا يبطل بها حقها- ولكن له فيما بينه وبين الله على حابسها على غير حق مثل ما أنفق عليها لأنه عطلها عن محله ولو كان يجد الدخول إليها، ألا ترى أنه لا حق لها إذا أبت الجلب إلى بيته ولو أباحت له الدخول إليها فى بيتها.

وقال (?) : أنه تلزم الزوج نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكاها فى العدة والحامل التى طلقت ثلاثا أو بائنا لها نفقة فقط حتى تضع، ووجه ذلك أنه شغل بطنها بالحمل وقد يمنعها الحمل من الاكتساب أو بعضه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015