آلة

التعريف بكلمة آلة:

جاء فى القاموس واللسان فى بعض معانى الآلة أنها ما اعتملت به من الأداة، يكون واحدا وجمعاً، والمراد " باعتملت " استعنت، ويفسرون الأداة بالآلة، ويقول ابن منظور (?) (إن أداة الحرب سلاحها..)

والآلة لا تخرج فى اصطلاح الفقهاء وتعبيراتهم عن هذا المعنى اللغوى، وإنما يذكرونها فى أبواب من الفقه لمناسبات يتعلق بالآلة فيها حكم شرعى، والذى يعنينا بيانه مما ورد مبعثرا فى كتب الفقه فى استعمال الفقهاء لكلمة آلة وما يتعلق بها من أحكام هو الآتى:

1- آلة الرى، وآلة الصناعة، فى كتاب الزكاة.

2- آلة الصيد، وآلة الذبح، فى باب الصيد والذبائح.

3- آلة القتل، وآلة الحد، فى الجنايات والقصاص والحدود.

4 - آلة القتال، فى الجهاد.

5- آلة اللهو، فى البيوع والإجارة وما يتعلق بضمان المتلفات، والقطع فى سرقتها.

آلة الرى:

اتفق الفقهاء (?) فى زكاة الزروع والثمار على أن ما سقى بالأمطار وماء الأنهار بلا آلة وحب فيه العشر، وأما المسقى بآلة كالدلو والدولاب والساقية والناقة ونحو ذلك، فيجب فيه نصف العشر، لأن المؤنة تكثر فيه وتقل فيما يسقى بالسماء أو السيح.

وقد نقل أبو شجاع من الشافعية عن البيهقى الاجماع على ذلك، كما حكاه صاحب البحر الزخار من الزيديه وقال ابن قدامة الحنبلى لا نعلم فيه خلافا.

وفى مسلم: (وفيما يسقى بالسانية نصف العشر) . والسوانى هى النواضح التى هى الإبل يستقى بها لشرب الأرض. وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اليمن، فأمرنى أن آخذ مما سقت السماء أو سقى بعلا العشر، ومما سقى بدالية نصفه العشر، إلا أن بعض المالكية لا يعتبرون النقالات من البحر وهى النطالة والشادوف على حد تعبيرهم من الآلات ويقول بعضهم أنها منها..

آلة الصناعة:

قال الأحناف (?) : لا زكاة فى آلات المحترفين سواء كانت مما لا تستهلك عينه فى الانتفاع كالقدوم والمبرد، أو تستهلك ولا يبقى أثر عينه كالصابون للغسال، أما ما يستهلك ويبقى أثر عينه كالعصفر والزعفران للصباغ والدهن والعفص للدباغ ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول، ونصوا على أن مثل قوارير العطار ولجم الخيل والحمير إن كان من غرض المشترى بيعها ففيها الزكاة وإلا فلا، وقريب من هذا يقول الشافعية (?) والحنابلة (?) والإباضية (?) من آلات الصناعة لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة وأما مسلك المالكية. فإنهم يقولون فى العروض. بوجه عام- ويدخل فيها آلات الصناعة - أنه لا زكاة فيها مطلقا إلا فى عرض تلك بمعاوضة مالية وتملكه بنية التجارة ولو صاحبها نية الإقتناء بشرط إلا تكون فى عينه زكاة أخرى، وقالوا (?) : لا زكاة فى المباخر والمراود والمكاحل ونحوها إذا اتخذت كراء إلا إذا كان كراء محرما.

وأما ابن حزم فيصور مذهب الظاهرية (?) بقوله: إن السلف اتفقوا على أنه لا زكاة فى كل ما اكتسب للقنية. مثل آلات الصناعة، لا للتجارة من آنية وسلاح وغير ذلك كله لا تحاشى منه شيئا.

ولم نقف للشيعة الإمامية على ذكر لآلات الصناعة بين ما تجب فيه الزكاة أو تستحب إلا فى شمول قول صاحب الروضة البهية (?) " وتستحب الزكاة فى مال التجارة، وقيل تجب " فمفهومه أن الآلات إذا كانت لغير التجارة لا زكاة فيها.

ويقول الزيدية (?) : لا تجب الزكاة فى غير أجناس عشرة عدها صاحب البحر، وليس منها آلات الصناعة إلا لتجارة أو استغلال، وهذا يفيد أنها لا تجب فيها الزكاة إلا إذا اتخذت للتجارة أو الاستغلال.

آلة الصيد:

قد تكون آلة الصيد حيوانا معلما يصاد به كالكلب، وقد تكون جمادا كالسهام والنبال ونحوها، ولكل من النوعين شروط واعتبارات قد تختلف باختلاف المذاهب.

الاصطياد بالحيوان المعلم:

الأصل فيه قول الله تعالى: " قل أحل لكم الطيبات، وما علمتم من الجوارح مكلبين، تعلمونهن مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن عليكم وأذكروا اسم الله عليه (?) ".

وقد اتفق الفقهاء على أنه يجوز الاصطياد بالكلب المعلم ويحل صيده بشروط مبينة

فى موضعها من كتب الفقه، انظر " صيد " واختلفوا فى جواز الاصطياد ببعض الحيوانات الأخرى.. أنظر جارح.

وإليك بيان الحكم فى المسألتين فى المذاهب.

أجمع فقهاء المذاهب على خل الصيد بكل ذى ناب من السباع ومخلب من الطير بشرط كونه معلما، ما عدا الزيدية. فإنهم يجيزون الاصطياد بالكلب والفهد لا غير، ويضاف إليهما الأسد والنمر إن قدرنا على قبولهما التعليم قياسا على الكلب، وعدا الأباضية كذلك فإنهم يجيزون الإصطياد بغير السبع كالهر.

كما أجمعوا على وجوب التسمية الا أن للفقهاء اعتبارات واشتراطات فى التعليم، وفى بعض شروط أخرى ... انظر " تذكية ".

آلات الصيد غير الحيوان المعلم:

لاخلاف بين الفقهاء (?) فى جواز الاصطياد بالشبكة والشرك، وإلجاء الصيد إلى مضيق لا يفر منه، وبالسهام والنبال والرماح، وبكل محدد وإن كان له ثقل كالمعراض والحجر بشرط أن يقتل بحده ولم يجيزوا الصيد بالبندقة الثقيلة ولو كانت محددة- والمراد بالبندقة الكرة من الطين المجمد-، لأنها تقتل بثقلها، ويقولون: إن مثقل الحديد وغير الحديد سواء إن خرق حل وإلا فلا.

وخالف الظاهريه إذ أجازوا الاصطياد بالبندقة والحجر ونحوهما مما لا يقتل بحده إذ يقول أبن حزم (?) فى تصوير المذهب: إن كل ما شرد فلم يقدر عليه من حيوان البر كله وحشيه وانسيه لا تحاشى شيئا لا طائرا ولا ذا أربع مما يحل كله، فان ذكاته أن يرمى بما يعمل عمل الرمح أو عمل السهم أو عمل السيف أوعمل السكين فإن أصاب بذلك فمات قبل أن تدرك ذكاته فأكله حلال.

ثم ذكر حديث عدى بن حاتم وقد سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن المعراض فقال: " أذا أصاب بحده فكل، وإذا أصاب بعرضه فقتل فانه وقيذه فلا تكل ".

ثم قال: وقد اختلف الناس فى هذا، فقال عمار بن ياسر إذا رميت بالحجر أو البندقة ثم ذكرت اسم الله فكل، ونقل مثله عن سعيد ابن المسيب، ونقل عن عمر بن الخطاب خلاف هذا ... ثم قال إن من ذهب إلى قول عمار وسعيد يحتج بقول الله تعالى: " ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم (?) ".

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبى ثعلبة الخشنى: " ما أصبت بقوسك فاذكر أسم الله عليه وكل ".

ثم قال: إنه لا حجة فى حديث عدى بن حاتم لأنه لا يحل ترك نص لنص، ورجح مذهب القائلين بإباحة الصيد بالبندقة ونحوها بإطلاق..

ثم قال: ومن نصب فخا أوحبالة أوحفر زبية للصيد فكل ما وقع من شىء من ذلك فهو له.

ويقول الدسوقى المالكى: فيما يتعلق بصيد بندق الرصاص " أن الصيد ببندق الرصاص لم يوجد فيه نص للمتقدمين لحدوث الرمى به بحدوث البارود فى وسط

المائة الثامنة، وأختلف فيه المتأخرون، فمنهم من قال بالمنع قياسا على بندق الطين، ومنهم من قال: بالجواز لما فيه من الإنهيار والإجهاز بسرعة ".

وقد نص الحابلة على أنه لا يجوز صيد السمك بالنجس كالعذرة، وعلى كراهة الصيد بالخراطيم وكل ما فية الروح، وعلى جواز أن يطعم الصيد ما يسكره.

آلة الذبح:

نص الأحناف (?) على حل الذبح بكل ما أفرى الأوداج- أى قطعها- وأنهر الدم - أى أساله- ولو بقشرة قصب إلا السن والظفر إذا كانا قائمين، ولو كانا منزوعين حل مع الكراهه، ويندب إحداد الشفرة. ولم يخالف الزيدية (?) والأباضية (?) والحنابلة 4 فى هذا، إلا أنهم أطلقوا القول بمنع الذبح بالسن والظفر حيث نصوا على أن تكون الآلة محددة، وألا تكون سنا ولا ظفرا، كما نص الإباضية على أن الذبح بالسكين الكالة منهى عنه.

ووافقهم الشافعية على ذلك وزادوا عدها جواز الزبح بالعظام.

يقول صاحب الاقناع (?) : تجوز الذكاة بكل ما يجرح كمحدد حديد وقصب وحجر ورصاص وذهب وفضة، إلا بالسن والظفر وباقى العظام متصلا كان أو منفصلا من آدمى أو غيره.

ونصوا على حل الذبح بالسكين الكالة بشرط ألا يحتاج القاطع إلى قوة الذبح (?) .

أما المالكية (?) : فيوافقون على جواز الذبح بالحديد المحدد.، وبكل محدد غيره اذا لم يوجد الحديد، وعلى ندب الاحداد قبل الذبح، ألا أنهم يجيزون الذبح بالعظم والسن متصنلين أو منفصلين، ويقول بعضهم أن محل الجواز أن أنفصلا ومنعها بعضهم مطلقا كالحنابلة والشافعية، إلا أن المالكية يقولون: أن محل الخلاف عندهم إن وجدت آلة للذبح غير الحديد، فإن وجد الحديد تعين، وإن لم يوجد غيرهما جاز جزما.

ويوافق الجعفرية المالكية فى ذلك حيث قالوا (?) : يجب التذكية الاختياريه أن تكون الآلة حديدا يفرى الأعضاء ويخرج الدم، فان تعذر الحديد جاز بما يفرى الأعضاء كالليطة. وهى القشر الأعلى للقصب، المتصل به، والمروة الحادة- وهى حجر يقدح النار- والزجاج، وكذا ما أشبهها من الآلات الحادة غير الحديد لما نقل عن الصادق قال: إذبح بالحجر والعظم والقصبة (?) والعود إذا لم تصب الحديد إذا قطع الحلقوم وخرج الدم، ومثله عن الكاظم وفى السن والظفر متصلين أو منفصلين للضرورة قول بالجواز.

أما مسلك الظاهرية فيصوره ابن حزم إذ يقول (?) : التذكية جائزة بكل شىء إذا قطع قطعة السكين، أو نفذ نفاذ الرمح سواء فى ذلك العود المحدد والحجر الحاد والقصب الحاد وكل شئ حاشا آلة أخذت بغير حق، وحاشا السن والظفر وما عمل منهما منزوعين أو غير منزوعين، وإلا عظم الخنزير

والحمار الأهلى، أو عظم سبع من ذوات الأربع أو الطير حاشا الضباع، أو عظم "انسان فلا يكون حلالا ما ذبح أو نحر بشىء مما ذكرنا.

والتذكية جائزة بعظم الميتة، وبكل عظم جاشا ما ذكرنا، وهى جائزة بمدى الحبشة، فلو عمل من ضرس الفيل سهم أو رمح أو سكين لم يحل أكل ما ذبح أو نحر لأنه سن، فلو عملت من سائر عظامه حل الذبح والنحر بها.

آلة القتل فى الجنيات:

آلة القتل العمد عند أبى حنيفة السلاح وما أجرى مجرى السلاح، كالمحدد من الخشب وليطة القصب والمروة المحددة والنار، ويستدل على أن ذلك هو العمد، بأن العمد هو القصد، ولا يوقف على القصد إلا بدليله، وهو استعمال الآلة القاتلة، فإذا كانت الآلة غير السلاح ولا ما أجرى مجرى السلاح فهى آلة شبه العمد.

وقال أبو يوسف ومحمد: أن من آلة العمد أن يضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة أو ما إلى ذلك مما يقتل غالبا، وأما آلة شبه العمد، فهى ما لا يقتل غالبا، لأنه يتقاصر معنى العمدية باستعمال آلة صغيرة لا يقتل بها غالبا لأنه يقصد بها غيره، كالتأديب ونحوه، فكان شبه عمد (?) .

وفى التنوير وشرحه الدر وحاشية أبن عابدين عليه (?) : ومما يعتبر آلة للعمد عند أبى حنيفة الحديد والسيف والسكين والرمح والخنجر والنشابة والإبرة فى مقتل،

وجميع ما كان من الحديد سواء كان يقطع أو يبضع كمطرقة الحداد والزبرة، سواء كان الغالب منه الهلاك أم لا، ولا يشترط الجرح فى الحديد فى ظاهر الرواية لأنه وضع للقتل، وروى الطحاوى عن الإمام اعتبار الجرح فى الحديد، قال صدر الشهيد وهو الأصح ورجحه فى الهداية وغيرها قال ابن عابدين: وعلى كل فالقتل بالبندقة الرصاص عمد لأنها من جنس الحديد وتجرح، ونقل الحصكفى عن شرح الوهبانية ان كل ما به الذكاة فيه القود وإلا فلا، ونقل عن البرهان: أن الحديد غير المحدد كالسنجة فيه روايتان أظهرهما أنها عمد.

ومن آلات القتل العمد عند الامام أيضا الابرة فى المقتل قال فى الاختيار (?) : روى أبو يوسف عن أبى حنيفة فيمن ضرب رجلا بإبرة وما يشبهها عمدا فمات لا قود فيه، وفى المسلة ونحوها القود لأن الإبرة لا يقصد بها القتل عادة بخلاف المسلة.

وفى روايه أخرى أن غرز بالإبرة فى المقتل قتل وإلا فلا، وفى البزازية غرزة بابرة حتى مات يقتض به لأن العبرة للحديد، وقال فى موضع آخر: لا قصاص إلا إذا غرزه فى المقتل وكذا لو عضه 0

والشافعية كالصاحبين يقولون: أن آلة القتل العمد ما يقتل غالبا جارحا كان أو مثقلا، وينصون على أنه يدخل فى المثقل التجويع والسحر والخصاء فيكون هذا.

من قبيل القتل العمد، أما آلة القتل شبه العمد فهى ما لا يقتل غالبا، ومثلوا له بالضرب بالسوط وبالعصا الخفيفة فى غير مقتل وبالابرة كذلك.

والحنابلة لا بختلفون عن ذلك (?) ، قال أبن قدامة: " إن القتل العمد يكون بمحدد يقطع. ويدخل فى البدن كالسيف والسكين والسنان وما فى معناه مما يحدد فيجرح من الحديد والنحاس والرصاص والذهب والفضة والزجاج والقصب والخشب، فهذا كله إذا جرح به جرحا كبيرا فمات فهو- قتل عمد، وكذلك غير المحدد مما يغلب على الظن حدوث الزهوق به عند استعماله " ثم يقول: إن غير المحدد يتنوع أنواعا منها المثقل الكبير الذى يقتل مثله غالبا سواء أكان من حديد كالسندان والمطرقة أو حجر ثقيل أو خشبة كبيرة، ومن هذا النوع الحائط والصخرة، ومنها المثقل الصغير كالعصا والشوط والحجر الصغير إذا كان فى مقتل أو فى حال ضعف من المضروب أو فى زمن مفرط الحر أو البرد، أو كرر الضرب حتى قتله، ومنها أن يمنع نفسه كأن يجعل فى عنقه حبلا ثم يعلقه فى خشبة أو شئ بحيث يرتفع عن الأرض فيختنق ويموت سواء مات فى الحال أو بقى زمنا لأن هذا أسرع أنواع القتل، وهو الذى جرت العادة بفعله من الولاة مع بعض المفسدين، ومنها أن يخنقه وهو على الأرض بيديه أو منديل أو حبل أو بوسادة أو شىء يضعه على فمه أو أنفه أو يضع يده عليهما فيموت، ومنها أن يلقيه فى مهلكة ويدخل فيه ما اذا ألقاه من شاهق كرأس جبل أو حائط عال يهلك به غالبا فيموت، ويدخل فيه أن يلقيه. فى نار أو ماء يغرق ولا يمكنه التخلص منه أما لكثرة الماء أو النار واما لعجزه عن التخلص لمرض أو صغر أو كونه مربوطا أو منعه الخروج، أو كونه فى حفيرة لا يقدر على الصعود منها، ويدخل فيه ان يجمع بينه وبين أسد أو نمر فى مكان ضيق فيقتله، وكذلك إذا حبسه فى مكان ومنعه من الطعام والشراب مدة لا يبقى فيها حتى يموت، وكذالك اذا سقاه سما فمات، وكذلك إذا قتله بسحر يقتل غالبا، كما يدخل فيه أن يتسبب فى قتله بما يقتل غالبا أن يكره رجلا على اقتل آخر فيقتله، أو يشهد رجلان على رجل، - أى شهادة زور- بما يوجب قتله فقتل

- وأما آلة شبه العمد فهى ما لا يقتل غالبا كالضرب بالسوط والعصا والحجر الصغير والوكز باليد وسائر ما لا يضل غالبا اذا كان بقصد الضرب لا القتل.

اما المالكية (?) : فمسلكهم أن آلة القتل الموجب للقصاص هى المحدد والمثقل والقضيب والسوط إن فعله لعداوة أو غضب ومات من ذلك، وكذلك الخنق ومنع الطعام والشراب بقصد الإمانة، وكذلك طرح غير محسن للعوم فى نهر عداوة، وكذلك البئر يحفرها الرحل وكذلك المزلق كقشرة البطيخ إذا قصد الضرر مع هلاك المقصود، وكذلك الكلب العقور والاكراه فإن الشخص المكره على القتل يعتبر آلة إذا كان لا يمكنه المخالفة، وكذلك الطعام المسموم يقدمه الشخص العالم به لغير العالم به فيتناوله فيموت، وكذلك الحية يرميها على شخص فيموت. وقال الدسوفى (?) : انه إذا أشار بآلة القتل إلى شخص فهرب فطلبه فمات فإما أن يموت بدون سقوط أو يسقط، وفى كل ذلك إما أن يكون بينهما عداوة أو لا، فإن لم يكن عداوة فليست بآلة تحل موجبة للقصاص، وإن كان بينهما عداوة فهى آلة قتل موجب للقصاص.

والعبرة عند الظاهريه (?) فى العمد أن تكون آلة مما قد يمات بمثله وقد لا يمات بمثله، مع التعمد، فإذا تعمد بما لا يموت به أحد أصلا لم يكن عمدا ولا خطأ.

ولا يبعد الشيعة الجعفريه عن مسلك الظاهرية فهم يقولون (?) : إن آلة القتل العمد ما يقتل به غالبا أو نادرا إذا اتفق به القتل، نظرا لأن العمد يتحقق بقصد القتل من غير نظر إلى الآلة فانه إذا لم يقصد به القتل وإن اتفق الموت كالضرب بالعود الخفيف والعصا الخفيفة فى غير مقتل اعتبر القتل شبه خطأ ...

ويقولون أيضا أنه لو كرر ضربه بما لا يحتمل مثله بالنسبة إلى بدنه وزمانه فهو عمد، وكذا لو ضربه دون ذلك فاعقبه مرض فمات أو رماه بسهم أو بحجر غامز

أى كابس على البدن بثقله، أو خنقه بحبل ولم يرخ عنه حتى مات، أو بقى المخنوق ضمينا- أى مزمنا- ومات بذلك، أو طرحه فى النار فمات، أو فى اللجة فمات منها ولم يقدر على الخروج.

أو جرحه عمدا فسرى الجرح عليه ومات، أو ألقاه من مكان شاهق أو قدم له طعاما مسموما يقتل مثله ولم يعلمه، أو جعله فى منزله ولم يعلمه به، أو حفر بئراً بعيدة القعر فى الطريق، أو فى بيته ودعا غيره إلى المرور عليها مع جهالته بها فوقع فمات، أو أغرى به كلبا عقورا فقتله ولا يمكنه التخلص ... إلى غير ذلك مما لا يخرج عن ما ورد فى كتب المالكية والحنابلة.

ومسلك الزيدية: أن آلة القتل الخطأ ما مثله لا يقتل فى العادة، والعمد ما مثله يقتل فى العادة، ويقولون (?) أن كل ما يحصل عقبه الموت فهو إما شرط أو علة أو سبب. فالشرط كمن حفر بئرا أو أعطى سكينا أو نصب سلما فتوصل به القاتل إلى القتل فلا شىء على فاعل الشرط إلا التوبة، وأن حصل الموت عقب علة من غير واسطة كالإغراق وإصابة المقتل، أو بواسطة كجرح قاتل بالسراية إلى المقتل فهو موجب للقود، وأما السبب فمنه ما يشبه المباشرة كالإكراه وشهادة الزور وتقديم الطعام المسموم، (?) وهذا موجب للقصاص، وما لا يشبهه كحفر بئر فى الطريق فيوجب الديه. ولا يختلف مذهب الإباضية فى جملته عن الشافعية والحنابلة إلا أن الإباضية يذكرون. قولا بأن آلة شبه العمد ما ليس من شأنه القتل كالسوط والعصا واللطمة والوكز، أو ما من شأنه القتل لكن ليس بقصد القتل كفعل الذابح لولده، أو يكون على صفة القتل وتتقدمه القرائن على عدم القتل كالمصارعة.

آلة القصاص:

ونص الأحناف (?) : على أن القصاص يكون بالسيف إن كان القتل بغيره، ونقل فى الدر عن الكافى أن المراد بالسيف السلاح وذكر أيضا أن ذلك هو ما صرح به فى كتاب " المضمرات " في باب الحج حيث قال: اننا ألحقنا الرمح والخنجر بالسيف فى قوله عليه الصلاة والسلام: " لا قود إلا بالسيف ". كما نصوا (?) : " على أن آلة القصاص فى العين بعد ذهاب ضوئها المرآة المحماة مع وضع قطن رطب على عين الجانى الذى يراد القصاص منها، وان ذلك مأثور عن جماعة من الصحابة.

ونصوا أيضا على أن القصاص فى السن يكون بالمبرد بأن تبرد به سن الجانى بقدر ما كسر من المجنى عليه ".

ووافق الإباضية الأحناف فى هذا المسلك فقالوا (?) " ويقتص بمثل السيف كالخنجر والموسى والشفرة الحادة، ولايستعمل الكليل فى القصاص ولو كانت الجنايه بآلة كالة إلا إذا وجدت بعينها عند القصاص، ويضيفون إلى ذلك أن الجانى اذا فر أو امتنع جاز أن يسلط عليه سبع أو كلب ". كما نصوا (?) : على أن من فقئت عينه أو تلفت نتيجة عدوان فإن المقتص يجعل على وجه المقتص منه مانعا من حرارة النار لم يحمى مرآة هندية فيمسكها مقابلها حتى تسيل، ويصح باليد إذا لم يتجاوز ما فعل به، ويقولون فى السن عند القصاص أنها تنشر بمبرد حتى تساويها أو تساوى اللثة.

وعلق على ذلك شارح كتاب " النيل " بقوله: لايحسن شىء من هذا، والواجب الدية.

أما الحنابلة (?) ففى روايه عن أحمد أن القصاص لا يستوفى"إلا بالسيف فى العنق وهو مذهب الشيعة الجعفرية (?) والزيدية (?) يستدلون بحديث " لا قود الا بالسيف، " رواه ابن ماجة، والرواية الأخرى عن أحمد: أن القصاص يعتمد المماثلة (?) لأن الجانى أهل لأن يفعل به كما فعل قوله تعالى: " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به" (?) . وقوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم (?) ".

ولأن النبى صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودى- أى هشمها- لرضه رأس جارية من الأنصار، ولما روى أنه قال: " من حر ق حرقناه (?) .. " إلخ. وهو مذهب الشافعية والمالكية والظاهريه (?) ، ورأى أورده الشيعة الجعفريه عن أبن الجنيد، وان كان بعضهم يختلف فى بعض استثناءات وتصويرات تصورها كتبهم.

يقول الشافعية (?) : "إن من قتل بمحدد كسيف أو غيره كحجر أو خنق أو تجويع ونحوه كتغريق بماء ملح أو عذب اقتص بمثله أن شاء وله العدول إلى السيف وإن لم يرض الجانى لأنه أسرع، ولو تعذر معرفة آلة القتل فهل يؤخذ باليقين أو يعدل إلى السيف الأصح الأول. وأن كان القتل بسحر تعين فى آلة القصاص سيف غير مسموم، وان قتله بانهاش أفعى قتل بالنهش فى أرجح القولين وعليه تتعين تلك الأفعى، فإن فقدت فمثلها، والخمر واللواط يتعين فى كل منهما السيف فى الأصح. والظاهر أنه لو قتله- بالغمس فى الخمر لم يفعل به مثله لأن التضمخ (أى التلطخ) بالنجاسة حرام.

وقيل: لو قتل بشرب الخمر يوجر فى القاتل مائع كخل أو ماء حتى يموت، ويقولون أنه يتعين بالسيف جزما فيما لا مثل له. كما لو جامع صغيرة فى قبلها فقتلها، ولوذبحه كالبهيمة جاز قتله بمثله فيما يظهر خلافا لابن الرفعة من تعين الصف.

ويقولون (?) : لا قصاص يكسر السن كما لا قصاص فى كسر العظام إلا إذا كان لأهل الصنعة آلات قطاعة.

وقالوا (?) : لو أوضحه فذهب ضوء عينه أوضحه، فإن ذهب الضوء فيها وإلا أذهب بأخف ممكن كتقريب حديدة محماة من حدقة عينه، أو وضع كافور فيها.

ويقول المالكية (?) : ان آلة القصاص تكون بمثل ما قتل به ولو نارا، إلا إذا ثبت القتل بقسامة فيقتل بالسيف، وكذلك القتل بخمر أو لواطة أو سحر، أو ما يطول كمنعه طعاما أو ماء حتى مات، فإنه يقتص بالسيف، والقصاص من القاتل بالسم فيه

وجهان: - قيل يقتل بالسيف وقيل يقتل به ويجتهد فى قدره. ويقولون كالشافعية: إن مستحق الدم إذا طلب أن يقتص من الجانى بالسيف فانه يجاب الى ذلك سواء الجانى قتل بالسيف أو غيره، حتى لو قتل بأخف من السيف خلافا لابن عبد السلام. ويقولون (?) : فيمن أذهب بحر غيره والعين قائمة إن آلة القصاص ما يستطاع به إذهاب البصر بحيلة من الحيل.

آلة الرجم:

أتفق الفقهاء ماعدا الإباضية على مشروعية رجم الزانى المحصن بالحجارة المتوسطة التى هى دون الكبيرة وفوق الصغيرة.

إلا أن لهم مسالك فى التصوير وفى التوسعة أو التضييق نوردها فيما ننقله من كتبهم، فيقول الأحناف (?) : أن آلة حد الزنا للمحصن الرجم بالحجارة حتى يموت.

وينص المالكية (?) على كون هذه الحجاره متوسطة بين الصغير والكبير دون الصغار خشية التعذيب والعظام خشية التشويه، ويقول الحنابلة (?) : أن آلة الرجم تكون بالحجارة وغيرها.

ونص الشافعية (?) : على أنها تكون بالمذر (أى الطين المتحجر) وبنحو خشب وعقم، والأولى كونه بنحو حجارة معتدلة بأن يكون كل منها يملأ الكف، ويحرم حجر كبير مذفف لتفويته المقصود من التنكيل، ويحرم صغير ليس له كبير تأثيرا ولطول تعذيبه.

ويقول الشيعة الجعفريه (?) : ان آلة حد الزنا القتل بالسيف ونحوه للزانى بالمحترم النسبى كالأم والأخت وللذمى إذا زنا بالمسلمة مطاوعة أو مكرهة، والزانى مكرما للمرأة، ولا يعتبر الاحصان فى هذه المسائل الثلاث كما تكون عقوبه حد الزنا الرجم بالحجارة المتوسطة وهذا بالنسبة للمحصن إذا زنا ببالغة عاقلة.

ونصوا (?) : على أنه لا يجوز الرجم بغير الحجا رة.

والزيديه ينصون (?) على أن الرجم بالنسبة للزانى المحصن يكون بالحجارة المتوسطة ويجزئ ضرب الرقبة بالسيفه إذ القصد القتل.

أما الإباضية فليس لهم كلام فى الرجم لأنهم لا يقولون به.

وأما الظاهريه فلم نقف على أكثر من قولهم بالرجم للزانى المحصن دون تعرض لما يكون به الرجم.

آلة الجلد:

نص الأحناف (?) على أن آلة الجلد سوط لا ثمرة له، أى لا عقده ويكون فى جريمة الزنا لغير المحصن والقذف والنشرب.

كما نصوا (?) على أن من كان حده الجلد وهو مريض أنتظر حتى يبرأ لأنه إذا كان مريضا لحقه الضرر أكثر من المستحق عليه، وكذا إذا كان الحر شديدا والبرد شديدا.

والشافعية (?) يوافقون الأحناف على أن الجلد بالسوط لغير المريض إلا إذا كان لا يرجى برؤه، فإنه يجلد عندهم بعثكال (أى عرجون) عليه مائة غصن، فإن كان عليه خمسون ضرب به مرتين بحيث تمس الأعضاء جميعها، فان برئ أجزاءه.

كما نصوا (?) على أنه يجوز جلد القوى السليم بسوط أو أيد أو نعال أو أطراف الثياب إذا كانت الأطراف مشدودة مفتولة، وقيل يتعين السوط لأن الزجر لا يحصل إلا به، ولا يجوز السوط فى المريض.

ثم نصو على أن سوط الحدود والتعازير يكون بين قضيب (أى غصن رقيق) وعصا غير معتدلة، وبين رطب ويابس، ليحصل به الزجر مع أمن الهلاك، ويمتنع بخلاف ذلك لما يخشى من شدة ضرره او عدم ايلامه.

وينص الحنابلة (?) على أن آلة الجلد السوط الوسط الذى ليس بخلق ولا جديد وإن خيف من الوسط لم يتعين فيقام بطرف ثوب وعثكول نخل.

وينص أبن قدامة على التفرقة بين حد الخمر وغيره فيقول (?) : أن آلة الجلد السوط ولا نعلم فى هذا خلافا بين أهل العلم غير حد الخمر، فأما الخمر فقال بعضهم يقاما الحد فيه بالأيدى والنعال وأطراف الثياب.

قال: وذكر بعض أصحابنا أن للامام فعل ذلك إن رآه.

ثم قال: ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا شرب الخمر فاجلدوه. والجلد إنما يفهم من اطلاق الضرب بالسوط، ولأنه أمر بجلده، كما أمربجلد الزانى فكان بالسوط مثله.

والخلفاء الراشدون ضربوا بالسياط وكذلك غيرهم فكان اجماعا.

أما المالكية (?) فقالوا: إن آلة الجلد فى الحدود مطلقا سوط له رأس لين لا رأسان، ولا يجزئ فيها القضيب ولا الشراك، أى النعل، ولا الدرة، وإنما كانت درة عمر للتأديب.

والشيعة الجعفريه (?) سلكوا مسلكا قريبا من الحنابلة إذا قالوا: إن آلة الجلد للصحيح السوط وللمريض الضغث، وهى جملة من العيدان ونحوها المشتمل على العدد المعتبر فى الحد وضربه به دفعة واحدة مؤلمة بحيث يمسه الجميع أو تكبس بعضها على بعض فيناله ألمها، ولو لم تسع اليد العدد أجمع ضربه به مرتين فصاعدا إلى أن يكمل ولا يشترط وصول كل احد من العيدان إلى بدنه، ولو احتمل سياطا خفافا فهى أولى من الضغث، والظاهر الاجتزاء فى الضغث بمس المضروب به مع حصول الألم به فى الجملة. وإن لم يحصل بآحاده.

ويرى الظاهرية (?) : أن آلة الجلد فى الزنا والقذف سوط أو حبل من شعر أو كتان أو قنب أو صوف أو قضيب من خيزران أو غيره، أما آلة حد الخمر فتى كما ورد فى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم جلد فيها بالجريد والنعاد، وفى حديث آخر أنه قال فى الشارب: أضربوه. فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه.

فالجلد فى الخمر خاصة يكون بذلك، فأى شئ رآه الحاكم من ذلك فحسن، ولا يمتنع أن يجلد فى الخمر بسوط لا يكسر ولا يجرح ولا يعفن لحما.

ونصوا (?) على أن من كان مريضا أو ضعيفا جدا جلد بشمروخ فيه مائة عثكول جلدة واحدة، أو فيه ثمانون عثكولا كذلك، ويجلد فى الخمر أن اشتد ضعفه بطرف ثوب على حسب طاقة كل أحد ولا مزيد، ثم قال: وبهذا انقطع بأنه الحق..

والزيدية (?) ينصون على أنه لا يكون الجلد بخشبة لئلا يكسر عظما بسوط أو عود بين الرقيق والغليظ والجديد والعتيق، خلى من العقد فإن أيس ضربه بعثكول

أن احتمله لأمر الرسول أن يأخذوا مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة، ولابد أن

يباشره كل ذيوله ليقع المقصود، وقيل يجزئ وإن تداخلت ولا يجزئ بالنعال وأطراف الثياب.

والإباضية فى آلة حد الشرب يأخذون بما رو ى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم أوتى برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين. قال وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر رضى الله عنه.

وعن على فى قصة الوليد بن عقبة جلد النبى صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلى (?) .

آلة القطع فى حد السرقة:

لم نقف لفقهاء المذاهب عن بيان لآلة القطع إلا ما جاء فى كتب الزيدية (?) : عن آلة القطع فى حد السرقة إذ قالوا يشد فى الكف حبل وفى الساعد الآخر، ويجذب كل إلى ناحية حتى يبين المفصل ويظهر مفصل الكف، ثم يقطع بحاد قطعة واحدة إذ القصد الحد لاالتعذيب وقالوا: إنه يندب حسم موضع القطع بزيت أو سمن أو قطران مغلاة بالنار ويكون بإذن السارق، فإن كره لم يحسم.

وقد جاء فى كتب الأحناف (?) والمالكية (?) والشافعية (?) وصف الحسم الذى يحدث بعد القطع، غير أن كتب الشافعية التى بأيدينا تنقل عن الماوردى الشافعى: أنه خص الغمس فى زيت أو دهن بأهل الحضر، أما البدو فيحسم بالنار لأنه عادتهم.

آلة التعزير:

الفقهاء (?) متفقون على أن التعزير يكون بالسوط وغيره مما يراه ولى الأمر أو من يقوم مقامه كالضرب بالدرة والصفع بالكف مبسوطة أو بجمع الكف أو بالحبس وبغير ذلك.

آلة القتل:

يقول الله تعالى: " وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل (?) " قال المفسرون: أن المراد بالقوة ما يتقوى به فى الحرب.

وعن ابن عباس أن القوة أنواع الأسلحة.

وقال عكرمة: هى الحصون والمعاقل، وفى الحديث: " ألا إن القوة الرمى ".

وهى تشمل كل ما يرمى به العدو من سهم أو قذيفة وغير ذلك (?) .

ومن الآلات الواردة فى كتب الأحناف: المجانيق تنصب على الأعداء والنبال يرمون بها ونحو ذلك.

قال ابن عابدين (?) : إنها تركت اليوم للاستغناء عنها بالمدافع الحادثة والرصاص فى زماننا.

ومما نص عليه الشافعية (?) : أن العدو يرمى أيضا بالنار، وأن من آلات الحرب

الدروع.

وزاد أبن قدامة (?) أن من آلات الخرب الخيل والابل والفيلة ونحوها، كما أن منها الأظافر لقول عمر رضى الله عنه: " وفروا الأظافر فى أرض العدو فانه سلاح ".

وقال الحكم بن عمرو: أمرنا رسول الله ألا نحفى الأظافر فى الجهاد.

ونص المالكية: (?) أن من آلات القتال السيف والرمح وقطع الماء عليهم حتى يغرقوا وبالنار أن لم يمكن بغيرها وقد خيف منهم ولم يكن فيهم مسلم.

ونصوا على تحريم القتال بالنبال المسمم والرمح المسمم وغيرهما وجاء فى بلغة السالك (?) : المرد بآلة القتال جميع أنواع الأسلحة وما ألحق بها كالقلاع.

ونصوا أيضا على منع بيع آلة الحرب للحربيين من سلاح وكراع وسرج وكل ما يتقوى به فى الحرب من نحاس وغيره.

ونص الشيعة الجعفرية: (?) على هدم الحصون وكراهة إرسال الماء على العدو ومنعه عنهم، وإرسال النار، أما إلقاء السم فيحرم إن أمكن بدونه، ويجوز أن توقف عليه الفتح.

أما الزيدية (?) : فأجازوا أيضا الاحراق والاغراق إن تعذر السيف، كما أجازوا الرمى بالحيات والعقارب والمبارزة.

وجاء فى النيل وشرحه فى فقه الإباضية (?) : والدفاع يكون بما قدرت عليه وإن بلا سلاح إن لم يجد أو عوجل عليه أو كان الدفع بغيره أولى له.

ثم قال (?) : وأفضل السلاح السكين ثم السيف ثم الرمح. والأفضل فى كل نوع أشده قطعا ... وإن لم يمسك الأفضل فلا إثم.

وليس من السلاح عصا لم يكن فى رأسها التى يضرب بها حديد، وأن كان فى رأسا حديد فهى سلاح ولو لم يكن قاطعا، ولا درع ولا درقة ومغفر ونحوهن وما يتصحب فى القتال.

آلة اللهو:

وقال قبل ذلك (?) : ويرفع العدو عن نفسه أو ماله أو عنهما بما قدر عليه مما يرجون الدفع ومثل لذلك.

نقل الأحناف (?) عن الإمام تضمين من يكسر معزفا وهو آلة لهو كبربيط ومزمار ودف وطبل وطنبور وأنه يصح بيعها كلها. لأنها أموال متقومة لصلاحيتها للانتفاع بها فى غير اللهو فلم تناف الضمان وعن الصاحبين أنه لا ضمان بالمتلف ولا يصح بيعها وعليه الفتوى.

ونصوا على أن طبل الغزاة والصيادين والدف الذى يباح فى العرس مضمون اتفاقا.

ونص الكاسانى (?) : على جواز بيع آلات الملاهى عند أبى حنيفة، لكنه يكره، وعند الصاحبين لا ينعقد بيعها لأنها معدة للتلهى بها.

ثم قال: وعلى هذا الخلاف بيع النرد والشطر نج.

قال الكاسانى: والصحيح قول أبى حنيفة لأن كل واحد منهم منتفع به شرعا، بأن يجعل صنجات للميزان.

وفى ابن عابدين (?) لا تصح الاجارة لأجل المعاصى مثل الغناء والنوح والملاهى كالمزامير والطبل وإذا كان الدل لغير اللهو فلا بأس به كطبل الغزاة والعرس والقافلة.

وفيه عن البزازيه (?) : استماع صوت الملاهى كضرب قضيب ونحوه حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: " استماع الملاهى معصية".

وفى التنوير وشرحه (?) : لا قطع فى سرقة آلة اللهو ولو كان طبل الغزاة لأن صلاحيته للهو صار شبهة تمنع القطع.

وعلق ابن عابدين بأنه لا خلاف فى ذلك لعدم تقومها عندهما حتى لا يضمن متلفها، وعنده وإن ضمنها لصلاحيتها لغير اللهو إلا أن يتأول اخذها للنهى عن المنكر.

والشافعية كالصاحبين من الأحناف فى عدم القطع فى سرقة آلات اللهو معللين ذلك بأنه توصل إلى إزالة المعصية.

وقالوا (?) : اذا بلغ " مكسره " نصابا فيقطع لأنه سرق نصابا، ولو كسر إناء الطنبور ثم أخرجه قطع أن بلغ نصابا، وكذلك لا يصح بيع آلات اللهو المحرمة عندهم ولا يباح استعمالها إلا للضرورة فيما اذا أخبره الطبيب العدل بأن هذا المرض يزول بسماعها " (?) .

وفى نهاية المحتاج (?) : يصح بيع نرد صاح- لبيادق شطرنج من غير كبير كلفة فيما يظهر بر وبيع جاريه غناء محرم، وقيل يصح بيع هذه الألات ان اعتبر مكسبرها مالا لأن فيها نفعا متوقعا

أما المالكية (?) : فيقولون فى القطع تعتبر القيمة بالبلد التى بها السرقة، والمجرة بالتقويم شرعا بأن تكون المنفعة التى لأجلها التقويم شرعية ويرتبون على هذا أن آلات اللهو لو كانت لا تساوى الثلاثة دراهم، التى هى نصاب القطع عندهم، دون اللهو وكانت معها تساويها فلا قطع على سارقها. ونصوا (?) على كراهة اكراء دف ومعزف ويشمل المزمار والإعداد لعرس، وقيل يجوز فى النكاح، ولا يلزم من جوازها جواز كرائها.

والراجح أن الدف والكيرة جائزان لعرس مع كراهة الكراء، وأن المعازف حرام كالجميع فى غير النكاح فيحرم كراؤها. ونصوا (?) فى البيع على أن من شروط صحه البيع فى المعقود عليه الطهارة والإتنفاع به والإباحة وعدم النهى. والحنابلة (?) كالشافعية والصاحبين، فهم يقولون: من كسر مزمارا أو عودا أو طبلا أو دفا بصنوج أو نردا فلا ضمان لأنه لا يحل. بيعه، ومثل ذلك آلة السحر أو التعزيم أو التنجيم عندهم.

ويقولون (?) بعدم القطع فى آلة اللهووان بلغت قيمته نصابا مفصلا.

ونصوا (?) على حرمه بيع الأمة للغناء أو اجادتها، وأشباه ذلك، على ان العقد يعتبر باطلا.

ونصوا (?) على أنه لا تجوز اجارة ما منفعته محرمة كالمزمور والنوح والغناء. قال ابن قدامة به وبه قال مالك والشافعى وأبو حنيفة وصاحباه وأبو ثور.

أما مذهب الطاهرية فيصوره أبن حزم بقوله (?) : بيع الشطرنج والمزامير والمعازف والطنابير والعيدان حلال، ومن كسر شيئا- من ذلك ضمنه الا أن يكون صورة مصورة فلا ضمان على كاسرها. وكذلك بيع الجوارى المغنيات وأبتياعهن لأن الله تعالى قال" وقد فصل لكل ما حرم عليكم " (?) . ولم يأت نص بتحريم بيع شىء من ذلك، ويقول أبن ص ما (?) : لا يحل ببع النرده.. والصور ألا للعب الصبايا فقط.

والجعفرية (?) : يحرمون بيع آلات اللهو من الدف والمزمار والقصب وغيرها، وآلات القمار كالنرد والشطرنج وبيع الخشب لتصنع منه آلات محرمة.

والزيدية: ينصون (?) . على كراهة بيع الخشب للمزامير ونحوها، كما نصوا (?) على أنه يضمن ما يصح تحوله لاما لا قيمة له ولا آلات الملاهى للمسلم، ويجب تكسير الآلات وان لم يظهرها لتحريمها عليه، ولا يجوز أحراقها أذ فيه اتلاف مال ولا يكفى تقطيع الأوتار بل ترض بالحجارة وقيل يكفى ازالة تأليفها بحيث يجتاج الى اعادة صنعتها، فان أزال تأ ليفها وبقيت أكسارها تنفع فى مباح ضمنها الكاسر لها

ثانيا.

ونصوا (?) على أنه لا قطع فى طبل الملاهى لا طبل الحرب لصحه تملكها ولا قطع فى النرد والشطرنج.

والأباضيه كما فى النيل وشرحه يقولون (?) :

يجعل الحاكم أو نحوه على كل سوق قائما بمصالحه يعبر عليهم موازينهم ومكاييلهم، كما يكسر المزمار والطبل ونحوه ... لأن ابقاءه ضرر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015