نرجو أن يكون قد لاح النور من خلاله، وفاح المسك من أركانه، ونثرت الأزهار والثمار على أوراقه.
أرجو من هذا الصنف من المؤمنين حسن الاستفادة، وصدق النصيحة، والعفو عن الزلل، والتنبيه على النقص والخطأ، فكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
وأعوذ بالله من كل جاهل غشوم، ومن كل دجال لئيم، ومن كل حاسد وشامت، ومن كل شيطان في صورة إنسان بار.
فهذا الصنف من الناس ينخر في جسد الأمة، ليهدم كل بنيان، ويطفئ كل مصباح، ويبث كل عمياء وعوراء، ويوقد نار الفتنة التي تمزق شمل الأمة.
وحذار من قتل الأوقات بسكين النوم والشهوات .. وجمع البعر والسموم في خزانة العقل والقلب .. وإطلاق اللسان في القيل والقال .. وشغل الجوارح بالمعاصي والمحرمات .. وإنفاق الأموال في الصد عن سبيل الله .. وإطلاق السمع والبصر والفكر فيما يغضب الله.
فما أخسر هذه التجارة، وما أسوأ هذا الحصاد، وما أوكس تلك البضاعة التي أغرق الشيطان بها أكثر الخلق، وقادهم بها إلى جهنم: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)} [سبأ:20].
ولإزالة غبار الشرك، وكبح جماح الباطل، ودفع شرور الفتن، وقلع أشجار الفساد، وتحقيق الأمن والعدل، لا بد من التوبة الصادقة النصوح، وتحقيق الإيمان والعمل الصالح، والدعوة إلى الله، والإحسان إلى البشرية بالقول والعمل، ورحمة الخلق كلهم، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، مع كمال الصبر واليقين اللذَيْن تحصل بهما