المبحث الخامس: متابعة الأشاعرة لمنهج المعتزلة إما صراحة وإما لزوما

المبحث الخامس: متابعة الأشاعرة لمنهج المعتزلة إما صراحة وإما لزوماً وهذا يتضح في خمس مسائل هي (?):

المسألة الأولى: دليل إثبات وجود الله.

أصل هذا الدليل قد أخذه الأشاعرة عن المعتزلة – ويمكن إثبات هذه الدعوى بدليلين:-

الأول: الرجوع إلى كتب المعتزلة.

الثاني: شهادة الأشاعرة أنفسهم.

أما الدليل الأول: فإنه بالرجوع إلى كتب المعتزلة، وجد أنهم قد ذكروا طريقة في إثبات وجود الله هي الطريقة نفسها التي سلكها الأشاعرة ومعلوم أن المعتزلة قد سبقوا الأشاعرة في الظهور. وخطوات الاستدلال عند المعتزلة هي:1 - إثبات حدوث الأجسام – وهي مستندة على طريقة الأعراض، والأجسام معلومة الوجود بالضرورة (?).2 - إثبات وجود الأعراض التي هي الأكوان من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون (?).3 - إثبات حدوث الأعراض (?).4 - إثبات أن الأجسام لا تخلوا عن الأعراض (?).5 - إثبات أن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث (?).6 - إثبات امتناع تسلسل الحوادث (?) وبه يتم الاستدلال على حدوث الأجسام.7 - إثبات أن القديم لا يجوز عليه العدم (?).

فهذه هي مراحل إثبات وجود الله عند المعتزلة – وهي المراحل عينها التي سلكها الأشاعرة كما تقدم النقل عنهم.

وأما الدليل الثاني فيكفي شهادة اثنين منهم وهما:

1 - الشاهد الأول: أبو الحسن الأشعري نفسه

2 - الشاهد الثاني: أبو جعفر السمناني

المسألة الثانية: في خلق الأسماء الحسنى.

وهذه قد مضت المناقشة فيها، فإن الأشاعرة بالغوا في إظهار مخالفتهم للمعتزلة القائلين بخلق الأسماء، وأظهروا موافقتهم للسلف في أن الأسماء غير مخلوقة – ولما حققت المسألة معهم بأن الأسماء من الكلام، والكلام عندهم مخلوق، فيلزم أن تكون الأسماء مخلوقة قالوا: لا إشكال في أن التسميات مخلوقة، فإن الأسماء تطلق ويراد بها التسميات، أما الاسم فهو المسمى نفسه وهو غير مخلوق، ثم إنه لما حقق معهم أكثر في المسألة وأن هذا الجواب قد لا يستقيم إذ بعض الأسماء دالة على صفات المعاني، وبعضها على صفات الأفعال – فتكون مخلوقة – وبعضها على الذات قالوا: إذاً بعض الأسماء هي لا عين المسمى ولا هي غيره، وبعضها هي غير المسمى يقيناً وبعضها هي المسمى نفسه! فالأولى هي الدالة على صفات المعاني – والثانية دالة على الأفعال فتكون مخلوقة إذ هي غيره – والثالثة هي الدالة على الذات.

وبالجملة فإن موافقة الأشاعرة للمعتزلة هنا ظاهرة وإن بالغوا في إظهار المخالفة، وقد تقدم هذا البحث مستوفى.

المسألة الثالثة: في صفات الأفعال وبعض صفات الذات:

وهذه قد وافق فيها الأشاعرة المعتزلة موافقة صريحة، مثل صفات: الاستواء، والغضب، والفرح، والنزول، والمجيء، ومثل صفات اليدين، والوجه، والقدم والعلو، والعينين.

والغريب أنهم اتبعوا طريقة المعتزلة نفسها لنفيها، وهي طريقة التنزيه المبنية على شبهة حلول الحوادث والجسمية والتركيب.

مع التنبيه هنا على أن المتقدمين من فضلاء الأشاعرة قد أثبتوا أكثر هذه الصفات كالباقلاني والبيهقي وغيرهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015