ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق وتميت وتحيي وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر وذراعا بذراع وغلب على الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم فصار المعروف منكرا والمنكر معروفا والسنة بدعة والبدعة سنة ونشأ في ذلك الصغير وهرم عليه الكبير وطمست الأعلام واشتد البأس وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين ولأهل الشرك والبدع مجاهدين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

ومنها جواز صرف الإمام الأموال التي تصير إلى هذه المشاهد والطواغيت في الجهاد ومصالح المسلمين فيجوز للإمام بل يجب عليه أن يأخذ أموال هذه الطواغيت التي تساق إليها كلها ويصرفها على الجند والمقاتلة ومصالح الإسلام كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أموال اللات وأعطاها لأبي سفيان يتألف بها وقضى منها دين عروة والأسود وكذلك يجب عليه أن يهدم هذه المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وله أن يقطعها للمقاتلة أو يبعها ويستعين بأثمانها على مصالح المسلمين وكذلك الحكم في أوقافها فإن وقفها فالوقف عليها باطل. وهو مال ضائع فيصرف في مصالح المسلمين فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ورسوله فلا يصح الوقف على مشهد ولا قبر يسرج عليه ويعظم وينذر له ويحج إليه ويعبد من دون الله ويتخذ وثنا من دونه وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الإسلام ومن اتبع سبيلهم) (?).

وقال الإمام ابن القيم أيضا وهو يتحدث عن أهل الطائف بعد أن فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم. (وقد كانوا فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فما برحوا يسألونه سنة ويأبى عليهم حتى سألوه شهرا واحدا بعد قدومهم فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى فأرسل المغيرة بن شعبة معه أبو سفيان فهدماها) (?).

وهذا يدل على أنه يجب هدم المشاهد التي تكون سببا لوقوع الناس في الشرك بالله عز وجل وأنه لا يجوز التباطؤ في هدمها مع القدرة لأنها من أخطر الأسباب التي توقع الأمم في الشرك والخرافة كما هو حاصل اليوم في عالمنا الإسلامي بسبب ما نشره المتصوفة من البناء على القبور المساجد والقباب ودعوة الناس للطواف حولها حيث إنك قل أن تجد مدينة أو قرية في العالم الإسلامي بأسره إلا ما شاء الله إلا وفيها قبر بني عليه القبة والمسجد ويتوجهون الناس إليه لقضاء حوائجهم وأنا أؤكد بأنه لا يمكن أن يقضى على الشرك إلا إذا أزيلت الأسباب التي وقع بسببها لأن العلاج الناجح لكل مرض لإزالته هو معرفة السبب والقضاء عليه وألا يكون العلاج سطحيا.

ومما يدل على وجوب هدم كل شيء يؤدي إلى فتنة المسلمين في دينهم وإزالته قول الإمام أبي بكر الطرطوشي حيث قال رحمه الله. (انظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها ويرجون البرء والشفاء من قبلها ويضربون بها المسأمير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها) (?).

وهذا الكلام الذي قاله الطرطوشي بفعله المتصوفة مع أوليائهم بل يفعلون أكثر منه بكثير ولذا يجب هدم تلك المشاهد التي شيدها المتصوفة على قبور من يسمونهم أولياء لأنها أصبحت أكبر فتنة للمسلمين حيث صرفتهم عن عبادة الله عبادة أصحاب تلك المشاهد المشيدة على القبور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015