وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21]
ورسوله صلوات الله وسلامه عليه يحذر المعرضين عنه في حديث طويل أورده البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: ((إن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي عليه السلام عن عمله في السر فأخبرهم فقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فحمد الله النبي عليه الصلاة والسلام وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني)) (?) وقال: ((تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) (?).وقال عليه الصلاة والسلام: ((حبب إلي من الدنيا الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة)) (?).
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يأتي أحدنا شهوته ويكون فيها له أجر؟. قال: أفرأيتم لو وضعه في حرام، هل عليه وزر؟ قالوا: نعم. قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) (?).
وما أحسن ما قال إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمة الله عليه: (ليس العزوبة من أمر الإسلام في شيء، النبي عليه الصلاة والسلام تزوج أربع عشرة امرأة ومات عن تسع، ثم قال: لو كان بشر بن الحارث تزوج قد تم أمره كله، لو ترك الناس النكاح لم يغزوا ولم يحجوا ولم يكن كذا، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يصبح وما عنده شيء، وكان يختار النكاح ويحث عليه، وينهي عن التبتل، فمن رغب عن عمل النبي عليه الصلاة والسلام فهو على غير الحق. ويعقوب عليه السلام في حزنه قد تزوج وولد له. والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((حبب إلي النساء)) (?).
فهذه هي تعاليم شريعة الإسلام المستقاة من أصلين أساسيين لشرع الله الكتاب والسنة.
وتلك هي أقوال الصوفية، التي لم يأخذوها من هذا المورد العذب، والمنهل الصافي، بل أخذوها من الكهنة والبوذية كما مر ذلك، ونساك الجينية، ورهبان المسيحية. وأمر أولئك في هذا الباب مشهور ومعروف لا يحتاج إلى كثير من البيان، ولكن لإقامة البرهان ننقل بعض آيات من الإنجيل، فقال المسيح: (ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات، من استطاع أن يقبل فليقبل) (?).
ويقول رسول المسيحيين في رسالته إلى أهل كورنتوس: (وأما من جهة الأمور التي كتبتم عنها فحسن للرجل أن لا يمس امرأة) (?).
وكذلك يقول: (أقول لغير المتزوجين والأرامل: إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا (?).