فنقول: أولاً: إن هؤلاء الأربعة ليسوا من الصحابة بل من التابعين، وقد رضيت أهل السنة بنسبة جملة المذهب إليهم، وقد عدلت عن نسبته إلى نبيهم، التي هي أوكد لتعظيمه وحرمتهم، من نسبته إلى قوم يخطّئ بعضهم بعضاً، وربما يلعن بعضهم بعضاً، وقد اعترفوا بكمال دينهم في حياة نبيهم في قوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3].
فاختلاف الأربعة إن كان لاختلاف في المقال، فقد وثقوا بمن شهدوا عليهم بالفسق والضلال، وإن كان لا حاجة دعتهم إليه، فكيف يقتدى بمن يشهد على ربه بنقص دينه؟ وإن كان له حاجة فقد قبّحوا ذكر نبيهم حيث وضعوا ما لم يكن في زمانه، وإن كان لزعمهم أنهم أعرف وأهدى لشريعة نبيهم فأتوا بما لم يأت به، فهو بهت لعقولهم مع اختلافهم في أحكامه، ولقد كان أسلافهم ضلالاً قبل ظهورهم. وما الدليل على وجوب الاقتصار على الأربعة دون الأقل منهم أو الزائد عليهم وقد وجد من أتباعهم من يضاهيهم، فلم لا يسري الاسم والتقليد إليهم، إذ كانوا يحتجون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اختلاف أمتي رحمة)) (?)؛ فمن زاد فيه زاد في الرحمة، فكان اختلاف كل شخصين من الأمة أبلغ من تحصيل الرحمة، ولزم كون الائتلاف موجباً للتقية، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصدر الأول مبعّدين من هذه الرحمة) (?).
ويقول محمد الرضي الرضوي: "ولو أن أدعياء الإسلام والسنة أحبوا أهل البيت عليهم السلام لاتبعوهم، ولما أخذوا أحكام دينهم عن المنحرفين عنهم كأبي حنيفة والشافعي ومالك وابن حنبل، الذين لم يكن واحد منهم شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نقل عنه شيئاً من حديثه وسنته، قال الله تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]، فآية المحبة لأهل البيت عليهم السلام الذين جعل الله مودتهم أجر الرسالة في قوله: قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] الاتباع لهم في الأقوال، والاقتداء بسيرتهم في الأفعال، والرجوع إليهم لأخذ سنة جدهم منهم عليه السلام؛ لأن أهل البيت أدرى بما في البيت، وأئمة أصحاب المذاهب الأربعة كانوا في حياد عنهم عليه السلام، فأين علامة هذا الولاء الكاذب" (?).
وأما هذه المواقف على التفصيل:
1 - رمي الأئمة الأربعة بالجهل ودعوى اعتمادهم في الفقه والحديث على أئمة الاثني عشرية: