فصاحت الحنفية: حاشا وكلا! متى كان أبو حنيفة في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ بل كان تولد بعد المائة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال: فنسيت، لعله كان الشافعي.

فصاحت الشافعية وقالوا: كان تولد الشافعي في يوم وفاة أبي حنيفة، وكان أربع سنين في بطن أمه ولا يخرج رعاية لحرمة أبي حنيفة، فلما مات خرج، وكان نشؤه في المائتين من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال: لعله كان مالكاً.

فقالت المالكية بمثل ما قالته الحنفية.

فقال: لعله أحمد بن حنبل.

فقالوا بمثل ما قالته الشافعية.

فتوجه العلامة إلى الملك، فقال: أيها الملك! علمت أن رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا في زمن الصحابة، فهذه أحد بدعهم أنهم اختاروا من مجتهديهم هذه الأربعة، ولو كان منهم من كان أفضل منهم بمراتب لا يجوزون أن يجتهد بخلاف ما أفتاه واحد منهم.

فقال الملك: ما كان واحد منهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة؟

فقال الجميع: لا.

فقال العلامة: ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين عليه السلام نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخيه وابن عمه ووصيه. وعلى كل حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل، لأنه لم تتحقق شروطه، ومنها العدلان، فهل قال الملك بمحضرهما؟ قال: لا. وشرع في البحث مع علماء العامة حتى ألزمهم جميعاً) (?).

ويذكر نعمة الله الجزائري قصة غريبة فيقول:

وعنه عليه السلام قال: "مر موسى بن عمران برجل رافع يديه إلى السماء يدعو، فانطلق موسى في حاجته، فغاب عنه سبعة أيام، ثم رجع إليه وهو رافع يديه يدعو ويتضرع ويسأل حاجته، فأوحى الله إليه: يا موسى! لو دعاني حتى يسقط لسانه ما استجبت له حتى يأتيني من الباب الذي أمرته به". أقول: هذا يكشف لك عن أمور كثيرة: منها: بطلان عبادة المخالفين، وذلك أنهم وإن صاموا وصلوا وحجوا وزكوا وأتوا من العبادات والطاعات، وزادوا على غيرهم، إلا أنهم أتوا إلى الله تعالى من غير الأبواب التي أمر بالدخول منها، فإنه سبحانه وتعالى قال: وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة:189]، وقد صح عند المسلمين قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)) (?) وقد جعلوا المذاهب الأربعة وسائط وأبوابا بينهم وبين ربهم وأخذوا الأحكام عنهم) (?).

ويقول علي العاملي البياضي صاحب كتاب (الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم) عاقداً باباً بعنوان: باب في تخطئة كل واحد من الأربعة في كثير من أحكامه.

وفيه فصول:

الأول: فيما أجمعوا عليه.

الثاني: فيما اختلفوا فيه.

الثالث: فيما أضيف إليهم من المخازي.

الرابع: في البخاري.

الخامس: فيما أنكر مسلم والبخاري من الأحاديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015