أنكرت جماعة التكفير والهجرة الإجماع، وزعموا كفر من يعتقد حجيته، وأن من يعتقده يكون قد اتخذ جمهور الناس آلهة وارباباً من دون الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في كتابهم الحجيات قولهم: "الاجماع ليس حجة، وإنما الحجة في مستنده إذا ظهر، وإن لم يظهر فلا يصح أن يشرع لنا الرجال ديناً ثم نطيعهم فيكونوا الهة وأرباباً من دون الله" (?).ومثل هذه الآراء تدل على جهل بمعنى الاجماع وشروطه، فالاجماع ليس أقوال وآراء الرجال مجردة بل هو كما يقول الأصوليون "اتفاق جميع المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول على حكم شرعي في واقعة" (?). ولا يكون الاجماع حجة إلا إذا تحققت أركانه بأن أحصى جميع المجتهدين في العصر، وعرضت عليهم الواقعة لمعرفة حكمها الشرعي وأبدى كل مجتهد منهم رأيه صراحة في حكمها بالقول لمعرفة حكمها الشرعي وأبدى كل مجتهد منهم رأيه صراحة في حكمها بالقول أو بالفعل، مجتمعين أو منفردين، واتفقت آراؤهم جميعاً على حكم واحد في هذه الواقعة، فإذا تحققت هذه الأركان كان الحكم المتفق عليه قانوناً شرعياً واجباً اتباعه ولا يجوز مخالتفه (?). ومستند كل مجتهد نصوص الشرع وأدلته، ومن ثم فهو حجة قطعية عند أهل السنة والجماعة إذا علم وكان صريحاً وله أدلة على حجيته وسنه من الكتاب والسنة والنظر. ومن العجيب أن جماعة التكفير والهجرة الذين رفضوا اجماع مجتهدي الأمة، جعلوا البديل له أقوال وأفعال أميرهم الذي اعتبروه حجة الله في أرضه وأميراً للمؤمنين، وقالوا أنه لا يجوز لأحد عصيان أمره والتردد في تنفيذ رغباته واجتهاداته" (?).