المبحث الثالث: ظهور علم الكلام

للحديث عن نشأة الأشاعرة وكيف ظهرت هذه الطائفة، لابد من الحديث أولاً عن الظروف والملابسات التي أدت إلى ظهور هذا المذهب على خشبة تاريخ الفرق الإسلامية، إذ أنها من أكثر الفرق الكلامية انتشاراً إلى يومنا هذا، رغم اندثار واندراس كثير من الفرق القديمة وللوقوف على معالم هذه الطائفة لابد من الوقوف على عوامل نشأتها وسنبدأ من علم الكلام.

تعريف علم الكلام: علم الكلام: "علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه" (?).قال ابن خلدون: "هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية" (?).وعرف أيضاً بأنه: "علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام" (?).وكذلك عرفه طاش كبري زاده، بأنه "علم يقتدر معه على إثبات الحقائق الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها" (?).

ومثله تعريف صديق خان. "انظر (أبجد العلوم) 2/ 589".وعرف أيضاً بأنه: "باب من الاعتبار في أصول الدين يدور النظر منه على محض العقل في التحسين والتقبيح والإحالة والتصحيح والإيجاب والتجويز والاقتدار والتعديل والتحوير والتوحيد والتفكير" (?).

وسمي علم الكلام بهذا الاسم لعدة أسباب منها:

- أن مسألة الكلام هي من أشهر مباحثه التي وقع فيها نزاع وجدل بين المتكلمين، والمقصود من مسألة الكلام هي مسألة خلق القرآن التي تبنتها المعتزلة، ونفوا صفة الكلام عن الله تعالى وأكثروا فيها القيل والقال.

- وقيل لأن العادة جرت عند المتكلمين الباحثين في أصول الدين أن يعنونوا لأبحاثهم بـ"الكلام في كذا ... إلخ".- وقيل لأن الكلام والمجادلة والقيل، والقال قد كثر فيه وأصبح سمة لأهله (?).

نشأة علم الكلام:

من خلال استعراض كتب العقيدة والفرق الإسلامية، يتضح أن الكلام في العقيدة ظهر في أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم، ولم يكن بعد قد اتضحت معالمه، وأصبح هو الأصل في تقرير العقيدة، ولكن ضل الكلام في هذه الحقبة في بعض جوانب العقيدة دون البعض وموافقة أغلب المتكلمين لأهل السنة في سائر أبواب العقيدة، حتى إذا اجتمعت هذه الأصول التي تكلم فيها المتكلمون ولملم شتاتها ظهر علم الكلام الذي يمثل الشق والطرف المخالف لأهل السنة في إثبات وتقرير العقائد ابتداء على أيدي المعتزلة.

وأول ما يطلعنا في كتب العقائد والفرق، الكلام في القدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015