أما موقف الخوارج من الحسن رضي الله عنه فإنه هو نفس موقفهم من أبيه، فالمراجع لكتاب (كشف الغمة) يجد المؤلف يكيل الافتراءات ويغمز فيه بما لا يصح؛ فيذكر أن الحسن لما تولى الخلافة خدعه معاوية كما خدع أباه من قبل بما حمل إليه من أوقار الذهب ومناه بالخلافة بعده، وأنه ترك ما كان يطلب بالأمس من كتاب الله وسنة نبيه وقتال الفئة الباغية، وأن أهل النخيلة اجتمعوا لحرب معاوية ولكنه وبمساعدة أهل الكوفة والحسن قتلوهم، مع أن المؤرخين يذكرون أن الحسن امتنع عن تولي محاربتهم وقال لمعاوية: لو كنت أريد قتال أحد من أهل القبلة لبدأت بك، ولكن تركتها حقنا للدماء. فمن أين لمؤلف (كشف الغمة) أن الحسن تولى قتال أهل النخيلة؟! ثم يوالي افتراءه الذي يدل على عدم احترامه للسلف الصالح فيلمز الحسن بأنه باع آخرته بدنياه، وحرض أصحابه على الدخول في طاعة معاوية، وأن ابن عباس غضب عليه غضبا شديدا وقال له: إنكم لأحقر أهل بيت من العرب ثم شبههم ببني إسرائيل وجبنهم حين أبوا ملاقاة عدوهم فضربهم الله بالتيه (?).وفي كتاب (الكفاية): "فإن قال: ما تقولون في الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب؟ قلنا: إنهما في البراءة، فإن قال: من أين أوجبتم عليهما البراءة وهما ابنا فاطمة بنت رسول الله؟ قلنا: أوجبنا عليهما البراءة بولايتهما لأبيهما على ظلمه وغشمه وجوره، وبقتلهما عبدالرحمن بن ملجم رحمه الله، وتسليمهما الإمامة لمعاوية بن أبي سفيان، وليس قرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمغنية عنهما شيئا؛ لأن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم قال في بعض ما يوصي به قرابته: ((يا فاطمة بنت رسول الله، ويا صفية عمة رسول الله، ويا بني هاشم؛ اعملوا لما بعد الموت)) (?).هذا ما حكاه المؤلف عن كتاب (الكفاية)، أما هو فيقول: "ثم إن الحسن بن علي ولي أمر أبيه من بعده، فباع دينه وأمر ربه بأواق من الذهب والفضة" (?). فإذا كان قصد الحسن جمع الذهب والفضة – كما يزعم مؤلف كشف الغمة – فمما لا شك فيه أن توليه الخلافة هو الأفضل لجمعهما لا التنازل عنها، ولم يعلم صاحب (كشف الغمة) أن تنازل الحسن كان تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ((ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)) (?)، وقد وقع كما قال عليه السلام، فلم يفسر صاحب (كشف الغمة) تنازل الحسن إلا لانخداعه برؤية بريق أواقي الذهب والفضة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015