ب- القول بجواز التقية قولا وعملا وهو رأي النجدات، قال الشهرستاني فيما يحكيه عن الكعبي: "وحكى الكعبي عن النجدات أن التقية جائزة في القول والعمل كله وإن كان في قتل النفوس" (?). وتحليل النجدات للتقية، والرضى عن القعدة إنما هو لهم، أما أهل الذمة فإنهم لا ينفعهم القول بالتقية، بل يستحلون دماءهم وأموالهم ومن لم يحرمها فهو منهم في منزلة البراءة، وفي هذا يقول الأشعري: "وحكي عنهم أنهم استحلوا دماء أهل المقام وأموالهم في دار التقية وبرئوا ممن حرمها" (?). وهذا بخلاف ما عرف عن الخوارج من تسامح مع أهل الذمة وتواصيهم بهم خيرا في أنفسهم وأموالهم كما اشتهرت بذلك أكثر فرقهم. ومن القائلين بجوازها من الخوارج أيضا: أبو بلال مرداس، الشخصية المثالية المحبوب لدى كل فرقهم، ويتبين تجويزه لها من موقفه مع البلجاء المرأة الخارجية المشهورة بمواقفها العنيدة من ابن زياد، فقد قال لها أبو بلال مشفقا عليها من بطش ابن زياد: "إن الله قد وسع على المؤمنين التقية فاستتري؛ فإن هذا المسرف على نفسه الجبار العنيد قد ذكرك" (?).وممن أجازها أيضا من الفرق الأخرى الإباضية فهي جائزة، بل قد تكون واجبة كما يظهر من الأحاديث التي ذكرها الربيع بن حبيب في مسنده، قال الربيع بن حبيب: "باب ما جاء في التقية. ثم أورد الحديث الآتي: قال جابر: سئل ابن عباس عن التقية فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رفع الله عن أمتي: الخطأ، والنسيان، وما لم يستطيعوا، وما أكرهوا عليه)) (?). قال: "وقال ابن مسعود: ما من كلمة تدفع عني ضرب سوطين إلا تكلمت بها، وليس الرجل على نفسه بأمين إذا ضرب أو عذب أو حبس أو قيد" (?)، أي وهو يجد خلاصا في الأخذ بالتقية.
¤الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص449