أ- القول بعدم جواز التقية وهذا هو رأي الأزارقة، فقد كان نافع بن الأزرق زعيمهم من أشد المبغضين لها ويرى أنها تنافي وجوب الجهاد الذي رفضه الله على المسلمين لقوله تعالى: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً [التوبة:36]، إذ إن القائل بالتقية لا يمكن أن يندفع إلى قتالهم ما دام يجد ملجأ في التقية وبالتالي فإنه يضعف فيه ذلك العزم والصدق الذي أراده الله من المجاهد، ولذلك فقد "برئوا من أهل التقية" (?) كما قال الأشعري، وبالتالي فلا محل لها عندهم ولا منزلة لها بينهم سواء كانت في الأقوال أو الأفعال. وقد عد الشهرستاني هذا القول من بدعهم وضلالتهم أي قولهم: "إن التقية غير جائزة في قول ولا عمل" (?).ويقول أحمد أمين مقارنا بين الخوارج والشيعة في الأخذ بالتقية: "وعلى عكس الشيعة في القول بالتقية الخوارج فقالوا: لا تجوز بحال من الأحوال ولو عرضت النفس والمال والعرض للأخطار، وحياة الشيعة والخوارج السياسية مظهر من مظاهر قولهم في التقية، فالخارجي يعلن الخروج على الإمام في صراحة ولو كان وحده ويحاربه ولو كان في نفر قليل مهما بلغ عدوه من العدد" (?).
وكلام أحمد أمين يصدق على الأزارقة وأصحاب الحركات الثورية من الخوارج، وقد يصدق على غيرهم من الفرق الأخرى التي ترفض التقية وإن لم يروي المؤرخون في ذلك عنهم شيئا بخلاف من يجيزون التقية كالنجدات والصفرية والإباضية وغيرهم ممن سنعرض رأيهم في هذا الفصل.
¤الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص448