سبق أن ذكرنا ما يثبت حماية الاستعمار لهم ودفاعه المستميت عن دعوتهم، ونعيد هنا للمناسبة بعضه ونزيد عليه. ونبدأ أول ما نبدأ برجل أعلن عداءه للإسلام حيث قال جئت "إلى مصر" لأمحو ثلاث القرآن والكعبة والأزهر" (?).
ترى من الذي عاون هذا الرجل لتحقيق هدفه؟! إنهم ولا شك رجال المدرسة العقلية من حيث يدرون "فيكونوا عملاء" أو من حيث لا يدرون "فيكونوا سذاج".قال كرومر في تقريره السنوي لعام 1905م عن محمد عبده "كان لمعرفته العميقة بالشريعة الإسلامية ولآرائه المتحررة المستنيرة أثرها في جعل مشورته والتعاون معه عظيم الجدوى" (?).وقال أيضاً "لا ريب عندي في أن السبيل القويم الذي أرشد إليه المرحوم الشيخ محمد عبده هو السبيل الذي يؤمل رجال الإصلاح من المسلمين الخير منه لنبي ملتهم إذا ساروا فيه فأتباع الشيخ حقيقون بكل ميل وعطف وتنشيط من الأوروبيين" (?).وقال أيضاً "إن أهميته السياسية ترجع إلى أنه يقوم بتقريب الهوة التي تفصل بين الغرب وبين المسلمين، وأنه هو تلاميذ مدرسته خليقون بأن يقدم لهم كل ما يمكن من العون والتشجيع فهم الحلفاء الطبيعيون للمصلح الأوربي" (?).
وقد امتثل هو ما دعا إليه فمال إليهم وعطف عليهم وقدم لهم كل عون وتشجيع فكانوا له "حلفاء طبيعيون" فوجبت عليه حمايتهم. صرح اللورد كرومر بنفسه "إن الشيخ محمد عبده يظل مفتياً في مصر ما ظلت بريطانية العظمى محتلة لها" (?).وقال السيد رشيد "وقد تحقق أن اللورد كرومر قال للخديوي إن كان تحريك بعض المشايخ ضد المفتي لأجل فصله من الإفتاء فاسمح لي بأن أقول أنه ما دام لبريطانيا العظمى نفوذ في مصر فإن الشيخ محمد عبده يكون هو المفتي حتى يموت" (?).هذه بعض حمايته في الداخل أما إذا ذهب إلى الخارج كالآستانة مثلاً فإنه يكتب إلى تلميذه السيد رشيد "إن السلطان لا يستطيع حبسي لو أراده وهو يعلم عجزه عن ذلك حق العلم ولذلك أسباب لا أحب ذكرها الآن" (?) ولكن السيد رشيد يذكر السبب في هذا "وهم لا يجهلون أن السفارة البريطانية كانت بالمرصاد وأنها لا تسكت للحكومة الحميدية على ذلك لو أقدمت عليه والسلطان ورجاله لا يجهلون هذا أيضاً" (?).بل إن الاحتلال الإنجليزي كان عاملاً أساسياً من عوامل عودة محمد عبده من المنفى في الشام إلى مصر وقد صرح اللورد كرومر بهذا في كتابه (مصر الحديثة) حيث قال "عن العفو صدر عن محمد عبده بسبب الضغط البريطاني" (?).
هذه إشارة تكفي اللبيب في بيان مدى تعاون إمام المدرسة العقلية الحديثة وأستاذها مع الاحتلال ومدى حمايتهم له وهو أمر له معناه.
ترحيب المستشرقين بالمدرسة ونتائجها: