لا يلتزم الإصلاحيون إلا بالسنة العملية دون القولية. قال الشيخ محمد رشيد رضا: "إن سنته التي يجب أن تكون أصل القدوة هي ما كان عليه وخاصة أصحابه عملاً وسيرة، فلا تتوقف على الأحاديث القولية" (?) وقال: "فالعمدة في الدين هو القرآن، وسنة الرسول المتواترة، وهي السنة العملية كصفة الصلاة، والمناسك مثلاً، وبعض الأحاديث القولية التي أخذ بها جمهور السلف، وما عدا هذا من أحاديث الآحاد التي هي غير قطعية الرواية، أو غير قطعية الدلالة فهي محل اجتهاد" (?).وقال محمود أبو رية: "وسنة الرسول المتواترة – وهي السنة العملية – وما أجمع عليه مسلمو الصدر الأول، وكان معلوماً عندهم بالضرورة، كل ذلك قطعي لا يسع أحد رفضه أو جحده بتأويل ولا اجتهاد ... أما إطلاق السنة على ما يشمل الأحاديث فاصطلاح حادث" (?)."ولو قصرت السنة على السنة المتواترة العملية لفرط في كثير من الأحاديث القولية التي نقلت عنه صلى الله عليه وسلم في جوانب الدين في الأحكام والأخلاق والمواعظ" (?).هذا وإن السنة تشمل أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته. "وهذا الذي عليه أهل العلم قديماً وحديثاً، كما تطلق على الأحاديث المتواترة والآحاد، والقول بأن السنة هي السنة العملية المتواترة فقط، قول لا صحة له، بل هو اصطلاح حادث لا يخفى بطلانه" (?).5 - القدح في عدالة الصحابة رضي الله عنهم (?):قد شكك بعض الإصلاحيين وتلامذتهم بعدالة الصحابة، رواة الحديث. قال محمود أبو رية: "إنهم – أي العلماء – قد جعلوا جرح الرواة وتعديلهم واجباً تطبيقه على كل راو مهما كان قدره، وإنهم قد وقفوا دون عتبة الصحابة، فلم يتجاوزوها، إذ اعتبروهم جميعاً عدولاً لا يجوز عليهم نقد، ولا يتجه إليهم تجريح ومن قولهم في ذلك "إن بساطهم قد طوي"، ومن العجب أنهم يقفون هذا الموقف، على حين أن الصحابة أنفسهم قد انتقد بعضهم بعضاً" (?).قال أبو حاتم بن حبان رحمه الله: "فإن قال قائل: فكيف جرحت من بعد الصحابة؟ وأبيت ذلك في الصحابة، والسهو والخطأ موجود في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وجد فيمن بعدهم من المحدثين؟ يقال له: إن الله عز وجل نزه أقدار أصحاب رسوله عن ثلب قادح، وصان أقدارهم عن وقيعة منتقص، وجعلهم كالنجوم يقتدى بهم ... ومن شهد التنزيل وصحب الرسول، فالثلب لهم غير حلال، والقدح ضد الإيمان، والتنقص لأحدهم نفس النفاق، لأنهم خير الناس قرناً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " (?).وممن ألصقوا بهم مجموعة من التهم الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، متابعين في ذلك من أكل الحقد قلوبهم من المستشرقين يهوداً أو نصارى، وذلك له افتراء وبطلان (?).
¤العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب لمحمد حامد الناصر - ص 59