وهو قولهم "إن في أفعال العباد ما هو ظلم وكذب ... فلو كان الله خالقاً لها لنسبت إليه".أ- هذا الإلزام غير صحيح؛ لأن كون الباري تعالى خالقاً لا يوجب أن يتصف بما خلق من ظلم وكذب وطاعة ومعصية؛ لأن هذه الصفات؛ إنما هي لمن قامت به، فالظلم خلق من ظلم وكذب وطاعة ومعصية؛ لأن هذه الصفات؛ إنما هي لمن قامت به، فالظلم مثلاً: صفة للظالم ... ألا ترى أن الأسود صفة لمن قام به السواد، ولا يكون صفة لله تعالى، وإن كان تعالى هو خالق السواد، فكذلك الظلم والكذب والطاعة والمعصية كلها صفات لمن حلت به ولا يوجب ذلك وصف خالقها بها (?) ... ب- هذه الصفات من ظلم وكذب وجور ومعصية وطاعة ... إنما خلقها سبحانه وتعالى لمن حلت فيه، فالظلم خلقه تعالى للظالم به، وخلق الجور للجائر به، وكذلك الكذب والمعصية ... كما أنه خلق الظلمة للمظلم بها، وخلق الضوء للمستضيء به ... فكما أنه تعالى خلق الظلمة لليل، والضياء للنهار ... ولم يوجب ذلك كونه ظلمة ولا ضياء، فكذلك خلق الطاعة للطائع بها، والكذب كذباً للكاذب به، والجور جوراً للجائر به؛ ولم يوجب ذلك كونه جائراً ولا ظالماً ولا كاذباً ... فصح أن خلقه تعالى لهذه الصفات لا يلزم وصفه بها (?).ج- أن الظلم والجور والكذب لا يكون ظلماً ولا جوراً ولا كذباً إلا إذا خالف الأمر ... وهذا كله يصح الوصف به لمن فوقه آمر أمره وناه نهاه وهم الخلق ... وأما الخالق فليس فوقه آمر ولا ناه، فلا يصح وصفه بشيء من هذا (?) ...
فإذا كان لا يلزم من كونه تعالى خالقاً للجور والظلم وصفه بشيء منها إضافة إلى أنه لا يصح وصفه بهذه الصفات، لأنها تستلزم أن يكون فوقه تعالى آمر، والله يتنزه عن ذلك. إذا كان الأمر كذلك؛ بطل قولكم "إن في أفعال العباد ما هو ظلم وكذب ... فلو كان الله خالقاً لها لنسبت إليه"، وبذلك يبطل الجزء الأول من الشبهة. والله أعلم.
ثانيا: الرد على القسم الثاني من الشبهة:
وهو قولهم: كيف يعذب الله المكلفين على ذنوبهم وهو خلقهم فيهم، فأين العدل في تعذيبهم على ما هو خالقه فيهم؟ ... ".