والمعتزلة يعتبرون الصفات والكلام أعراضا وحوادث، لو قامت بالله تعالى، للزم قيام الأعراض والحوادث به، والأعراض لا تقوم إلا بجسم، وما كان محلا للحوادث فهو حادث. ولذلك أنكروا قيام الصفات بذاته تعالى (?).والله تعالى ليس بجسم - عند المعتزلة -، وقد نقل أبو الحسن الأشعري، وأحمد بن يحيى بن المرتضى المعتزلي إجماعهم على ذلك (?).وقد أجمعوا على أن الله خالق الأجسام والأعراض (?).والصفات الخبرية - من الاستواء، والنزول، والمجيء، واليد، والعينين، والوجه، وغير ذلك - داخلة في عموم الصفات المنفية عن الله تعالى - عند المعتزلة -، وهم يدعون أيضا أن إثبات قيامها بذات الله تعالى: يوم التجسيم، والله تعالى ليس جسما (?).والمعتزلة يقولون أيضا: لو أن الله تعالى كان عالما بعلم، حيا بحياة، قادرا بقدرة، زائدة على ذاته، قائمة به سبحانه: لكان جسما؛ لأن العلم، والقدرة، والإرادة، والحياة تحتاج إلى محل مخصوص، والمحل المخصوص لابد أن يكون جسما، والله سبحانه ليس بجسم، ولا يصح أن يكون جسما، وإلا لكان محدثا؛ لأن الحوادث لا تقوم إلا بحادث (?).يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي: "وجملة القول في ذلك: هو أنه تعالى لو كان حيا بحياة، والحياة لا يصح الإدراك بها إلا بعد استعمال محلها في الإدراك ضربا من الاستعمال، لوجب أن يكون القديم تعالى جسما، وذلك محال. وكذلك الكلام في القدرة؛ لأن القدرة لا يصح الفعل بها، إلا بعد استعمال محلها في الفعل، او في سببه ضربا من الاستعمال، فيجب أن يكون الله تعالى جسما محلا للأعراض، وذلك يجوز" (?).

فالله - تعالى - عند عبد الجبار: حي لا بحياة، قادر لا بقدرة، عالم لا بعلم، مريد لا بإرادة،. . . وهكذا في سائر صفاته العلا - تعالى وتقدس. يقول - عبد الجبار - في موضع آخر: "كل ما كان مما لا يجوز إلا على الأجسام: يجب نفيه عن الله تعالى، وإذا ورد في القرآن آيات تقتضي بظاهرها التشبيه، وجب تأويلها؛ لأن الألفاظ معرضة للاحتمال، ودليل العقل بعيد عن الاحتمال" (?).وهذا مراده وطائفته من تنزيه الله - بزعمهم - عن الأجسام، والجواهر، والأعراض، والمكان: تعطيله - جل وعلا - عن الاتصاف بصفاته العلا؛ من العلم، والقدرة، والحياة، والكلام، والاستواء، وغير ذلك من الصفات التي يسميها هؤلاء أعراضا، ويدعون أنها لا تقوم إلا بجسم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015