ولا شك أن المعتزلة لا يقبلون هذا الاسم، وهم إنما تنصلوا من اسم القدرية وأنكروه بشدة تخلصا من وصمة لقب المجوسية، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم ذم القدرية بتسميتها مجوس هذه الأمة (?).5 - مخانيث الخوارج: من ألقاب المعتزلة مخانيث الخوارج، وسبب التسمية: أن المعتزلة، ولا سيما شيوخهم الأولين: واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد كانوا يوافقون الخوارج في تخليد مرتكب الكبيرة في النار مع قولهم: إنه ليس بكافر، فهم قد وافقوا الخوارج في التخليد؛ لكن لم يجرأوا على تكفيره؛ ولذا سموا بهذا الاسم (?).6 - الوعيدية: من أسماء المعتزلة الوعيدية، سماهم به أحد المرجئة في شعر قاله في هجاء أبي هاشم الجبائي (?):
يعيب القول بالإرجاء حتى ... يرى بعض الرجاء من الجرائر
وأعظم من ذوي الإرجاء جرما ... وعيدي أصر على الكبائر (?)
واسم الوعيدية آت من قول المعتزلة بالوعد والوعيد، وهذا القول أحد الأركان التي يقوم عليها الاعتزال، ومعناه: أن الله تعالى صادق في وعده ووعيده، وأنه لا يغفر الذنوب إلا من بعد التوبة (?).7 - المعطلة: كان أهل السنة يطلقون على الجهمية الأولى نفاة الصفات اسم المعطلة لتعطيلها الله تعالى عن صفاته (?). أي تجريده تعالى منها، وكانوا يقصدون من وراء هذه التسمية ذم الجهمية وهجوها، فإن أهل الموصل أخذوا بعد هزيمة مروان بن محمد يسبونه وينادونه: يا معطل، لأن مروان كان على مذهب المعطلة (?). وحين قام المعتزلة واقتبسوا عن الجهمية الأولى قولها بنفي الصفات، لزمهم اسم المعطلة. يقول الشهرستاني: إن من معاني التعطيل تعطيل ظواهر الكتاب والسنة عن المعاني التي تدل عليها (?).وبما أن المعتزلة كانوا يلجأون في الآيات التي لا توافق أغراضهم إلى التأويل، فلا يبعد أن يكون سببا آخر في تسميتهم بالمعطلة ونحن نجد بعض أهل السنة كابن القيم (?) يستعملون في كلامهم عن المعتزلة لفظ المعطلة للدلالة عليهم، فقد وضع ابن القيم كتابه (الصواعق المرسلة) في الرد على الجهمية والمعطلة، وهو يقصد الرد على المعتزلة بالدرجة الأولى (?).
القسم الثاني: ما أطلقوه على أنفسهم: 1 - المعتزلة: سبق أن ذكرنا هذا الاسم من ضمن أسمائهم التي سماهم بها غيرهم، ونورده هنا من ضمن الأسماء التي تسموا بها؛ وذلك أنهم لما رأوا أنه لا خلاص لهم من هذا الاسم، أخذوا يبرهنون على فضله، وأن المراد به الاعتزال عن الأقوال المحدثة والمبتدعة (?)، وبرهنوا على ما يقولون ببعض النصوص مثل قوله تعالى: وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا [المزمل: 10]. وذلك لا يكون إلا بالاعتزال عنهم (?).2 - أهل العدل والتوحيد: يروي المقبلي أن المعتزلة كانوا يطلقون على أنفسهم أهل العدل والتوحيد والعدلية، ولذا يقول: "وتسمي المعتزلة نفسها بالعدلية، وأهل العدل والتوحيد" (?).أما مؤرخو أهل السنة الذين قالوا: إن المعتزلة يدعون أنفسهم أهل العدل والتوحيد فكثيرون، منهم: الشهرستاني حيث قال: ". . . ويسمون أصحاب العدل والتوحيد. . والعدلية" (?).وجاء في صحيح الأعشى أن المعتزلة يسمون أنفسهم أهل العدل والتوحيد، ويعنون بالعدل نفي القدر، والقول بأن الإنسان موجد أفعاله تنزيها لله تعالى أن يضاف إليه شر، ويعنون بالتوحيد نفي الصفات القديمة (?).والمعتزلة يفضلون أن يدعوا بهذا الاسم (?)؛ ذلك أنه علاوة على المعنى الحسن الذي يتضمنه، فإنه مشتق من أهم قاعدتين من قواعد الاعتزال اللتين كانت تدور حولهما أكثر تعاليمهم، وهما: أصل العدل، وأصل التوحيد (?).3 - أهل الحق، والفرقة الناجية، والمنزهون الله عن النقص: كذلك من أسماء المعتزلة التي تسموا بها: أهل الحق، والفرقة الناجية والمنزهون الله عن النقص. يقول المقبلي: "وتسمي المعتزلة نفسها. . أهل الحق، وأهل الفرقة الناجية والمنزهون الله عن النقص (?)؛ ذلك أنهم يعتبرون أنفسهم على الحق، ومن سواهم على الباطل، ولذا دعوا خصومهم بالمجبرة، القدرية المجوزة المشبهة الحشوية المرجئة، وغير ذلك (?).
¤المعتزلة وأصولهم الخمسة لعواد المعتق – ص 22