1 - أن انتقال واصل بن عطاء أو عمرو بن عبيد من أسطوانة في المسجد إلى أخرى ليس بالأمر الهام الذي يصح أن تلقب به فرقة. 2 - اختلاف الرواة في سرد الرواية، فبعضهم ينسب حادثة الانفصال إلى عمرو بن عبيد، وبعضهم ينسبها إلى قتادة بن دعامة السدوسي (?) وهذا مما يضعف الرواية ويجعلها عرضة للنقد؛ فالذي فهم من رواية الشهرستاني مثلا: هو أن الحسن البصري هو الذي قال لواصل بن عطاء حين اختلفا في مسألة الحكم على مرتكب الكبيرة، (اعتزلنا واصل، فسمي هو وأصحابه معتزلة).أما ابن خلكان (?) وجماعة معه، فيذكرون: أن الذي سماهم بهذا الاسم هو المحدث المشهور قتادة بن دعامة السدوسي، المتوفى سنة (117) هـ، وكان قتادة من علماء البصرة، وأعلام التابعين، ومن أصحاب الحسن البصري، دخل يوما مسجد البصرة وكان ضريرا فإذا بعمرو بن عبيد ونفر معه قد اعتزلوا حلقة الحسن البصري وكونوا لهم حلقة خاصة وارتفعت أصواتهم، فأمهم وهو يظن أنهم من حلقة الحسن، فلما صار معهم وعرف حقيقتهم قال: إنما هؤلاء المعتزلة، فسموا معتزلة من وقتها (?).فاختلاف الرواة في المنفصل عن الحسن البصري، هل هو عمرو بن عبيد أو واصل بن عطاء؟ واختلاف المسمي هل هو الحسن البصري أم قتادة؟ مما يضعف الرواية ويشكك فيها (?).
هذه أهم الاعتراضات التي وردت على هذا الرأي. الرأي الثاني: تفسير جولد تسيهر (?):
يرى جولد تسيهر أن هذه الفرقة الكلامية ولدت من نزعة ورعة، وأنه كان من هؤلاء الجماعة الورعين المعتزلة، أي: الزهاد الذين يعتزلون الناس، ويؤيد رأيه بشبهات، منها ما يلي:
1 - أن بعض المصادر الأدبية استعملت فيها كلمة (معتزلي) كمرادف لكلمة (عابد) أو (زاهد)؛ فالاعتزال صفة يوصف بها الزاهد. 2 - ما عرف به أوائل المعتزلة من ميل للزهد والعبادة، وأنهم كانوا يعتزلون العالم، ويحيون حياة التقشف والزهد، فيروى عن واصل بن عطاء أنه كان إذا جنه الليل صف قدميه ليصلي ولوح ودواة موضوعان فإذا مرت به آية فيها حجة على مخالف جلس فكتبها ثم عاد في صلاته. وروي عن عمرو بن عبيد أنه كثيرا ما كان يصلي الفجر بوضوء المغرب، وأنه حج حججا كثيرة ماشيا ,وبعيره موقوف على من أحصر (?).وقد رد مرغليوث ونيللو هذا التفسير، فيقول مرغليوث: المعتزلة من انفصلوا. وهم الذين اعتزلوا إخوانهم في مجلس الحسن البصري، وكانوا يؤمنون بحرية الإرادة. أما نيللو: فيقول: إن ما افترضه جولد تسيهر وهمي لا يقوم على سند ما من المصادر، بل هو فوق هذا يصطدم بمشكلة خطيرة، كيف يمكن أن يكون اسم المعتزلة قد قصر على طائفة من الناس لم يكن الزهد فيهم العنصر المميز لهم حقا عن غيرهم، سواء كأفراد، أو كجماعة؟ أفلم يكن الزهد منتشرا بنفس الدرجة في الوسط الديني الذي اعتزله المعتزلة؟ أفلم يكن الحسن البصري مشهورا بالزهد، وهو أستاذ واصل (?).
وإذا فهذا الرأي مردود.
الرأي الثالث: التفسير السياسي.