وافقت الكرامية في مسألة مرتكب الكبيرة مقالة المرجئة، إذ جعلوا الفاسق مؤمنا كامل الإيمان، ويثاب ويعاقب، وأنه إن دخل النار فإنه يخرج منها.
وقد تكرر القول إن مخالفة الكرامية إنما هي في مسمى الإيمان، فحسب، وما عداه فهم موافقون لما عليه فرق المرجئة.
يقول شيخ الإسلام في بيان قولهم في مرتكب الكبيرة.
"وأما قول القائل: إن الإيمان إذا ذهب بعضه ذهب كله، فهذا ممنوع، وهذا هو الأصل الذي تفرعت عنه البدع في الإيمان، فإنهم ظنوا أنه متى ذهب بعضه ذهب كله لم يبق منه شيء.
ثم قال الخوارج والمعتزلة: هو مجموع ما أمر الله به ورسوله، وهو الإيمان المطلق، كما قال أهل الحديث.
قالوا: فإذا ذهب شيء منه لم يبق مع صاحبه من الإيمان شيء فيخلد في النار. وقالت المرجئة على اختلاف فرقهم: لا تذهب الكبائر وترك الواجبات الظاهرة شيئا من الإيمان؛ إذ لو ذهب شيء منه لم يبق شيء، فيكون شيئا واحدا يستوي فيه البر والفاجر" (?).
ويقول معلقا على مسألة إثابة الله تعالى للطائع، وعفوه عن العاصي، أو معاقبته:
"فهذا مذهب أهل السنة الخاصة، وسائر من انتسب إلى السنة والجماعة، كالكلابية، والكرامية، والأشعرية، والسالمية، وسائر فرق الأمة من المرجئة، وغيرهم. والخلاف في ذلك مع الخوارج والمعتزلة، فإنهم يقولون بتخليد أهل النار" (?).ولما ذكر مخالفة الكرامية في مسمى الإيمان قال: "وأما في الصفات، والقدر، والوعد والوعيد، فهم أشبه من أكثر طوائف الكلام التي في أقوالها مخالفة للسنة" (?).
¤آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية لعبدالله محمد السند - ص 515