فإن قالوا: هؤلاء قد كانوا يتكلمون بألسنتهم سرا؛ فكفروا بذلك، وإنما يكون مؤمنا إذا تكلم بلسانه ولم يتكلم بما ينقضه، فإذ ذلك ردة عن الإيمان.

قيل لهم: ولو أضمروا النفاق ولم يتكلموا به كانوا منافقين، قال تعالى: يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ [التوبة: 64].وأيضا قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وأنهم كاذبون، فقال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8]، وقال تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: 1]، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الإسلام علانية والإيمان في القلب)) (?)، وقد قال الله تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14]، وفي الصحيحين عن سعد ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى رجالا ولم يعط رجلا، فقلت: يا رسول الله أعطيت فلانا وفلانا، وتركت فلانا وهو مؤمن؟ فقال: أو مسلم "مرتين أو ثلاثا")) (?).

¤آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية لعبدالله محمد السند - ص 221

طور بواسطة نورين ميديا © 2015