أما من حقق "الألوهية" لله تعالى، فقد حقق "الربوبية" له تعالى أيضاً بل حقق توحيد الصفات أيضاً. وأن توحيد "الألوهية" أخص من توحيد "الربوبية" فكل موحد بتوحيد "الألوهية" موحد بتوحيد "الربوبية" ولا عكس، لأن المشركين كانوا معترفين بتوحيد "الربوبية"، ومع ذلك كانوا مشركين في توحيد "الألوهية" (?).
ز- أن أركان "توحيد الألوهية" هي عبادة الله تعالى بغاية الذل والخضوع له سبحانه وتعالى، وغاية الحب له تعالى، وغاية الرغبة في ثوابه عز وجل، وغاية الرهبة من عقابه جل وعلا، مع الإخلاص واتباع السنة. فمن عبد الله بالحب وحده فهو "زنديق" ومن عبده بالرجاء وحده فهو "مرجئ" ومن عبده بالخوف وحده في "حروري" ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو "مؤمن موحد" (?).ومن عبده بدون الإخلاص فهو "المرائي المنافق" ومن عبده بدون اتباع السنة فهو "مبتدع راهب ضال" (?).
قلتُ: لقد تبين لنا من هذه الدراسة ما يلي:
أ- مفهوم "الألوهية" ومفهوم "الربوبية" مفهومان متغايران، وليسا مترادفين، كما بينا ذلك من وجوه متعددة بفروق كثيرة وكذا الحال بين: مفهوم "الإله" وبين مفهوم "الرب" والألوهية والمالكية. ب- فالألوهية، هي العبودية، فتوحيد الألوهية: هو العلم والاعتراف بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وإفراده تعالى بالعبادة كلها وإخلاص الدين له وحده (?).
ج- والربوبية "هي السيادة والخالقية والمالكية".فتوحيد الربوبية: هو الإقرار بأن الله تعالى - رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه وأنه المحيي والمميت النافع الضار الذي له الأمر كله وبيده الخير كله القادر ليس له شريك في ذلك كله (?).
د- تفسير "الألوهية" و"الإله" بالربوبية والمالكية، وبالرب والخالق - تفسير باطل لغة واصطلاحاً فبطل زعم الرستمي الفنجفيري.
هـ-ز- تفسير "الألوهية" بالمالكية والربوبية، وتفسير "الإله" بالخالق والرب - تعطيل لصفة "ألوهية" الله تعالى، وتحريف لنصوصها، وإلحاد في اسمه، "الإله" سبحانه وتعالى، حتى بشهادة الإمام أبي حنيفة رحمه الله وشهادة ثمانية من كبار أئمة الحنفية الماتريدية.
ح- أن تفسير "الألوهية" بالمالكية من قبيل حمل نصوص الكتاب والسنة على المصطلحات البدعية، وهو زيغ وتنكب لسبيل السلف ومنابذة لتخاطب العرب وتفاهم السلف، واللسان العربي حتى باعتراف الكوثري وشهادته.
ط- أن المعنى الصحيح لكلمة "لا إله إلا الله".
هو: "لا معبود بحق إلا الله".ي- أن قول القائل في معناها: "لا مطاع بحق إلا الله "باطل؛ لوجوب طاعة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وكذا قوله: لا رب إلا الله" كما يزعمه المتكلمون باطل أيضاً، لأنه مما اعترف به المشركون، وهكذا قول: "لا إله موجود إلا الله" كما زعمه النحاة؛ لوجود الآلهة الباطلة، وكذا قوله: "لا إله في الوجود إلا الله - باطل (?).
وكذا قول من قال: "لا موجود إلا الله"
فهذا أشد بطلاناً من الأقوال السابقة.
¤الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات للشمس السلفي الأفغاني 3/ 170 - 191