أو هل يمكن لأمثال العلوي المالكي أن يزعم أن المشركين لم يكونوا جادين في أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر لهذا الكون؟.
المؤاخذة الرابعة: أنه إن كان معنى "الألوهية" الربوبية، والصانعية ومعنى "الإله" "الخالق والرب أو معنى الألوهية المالكية -
يلزم أن تكون "كلمة التوحيد" غير مفيدة للتوحيد؛
لكن التالي باطل فالمقدم مثله.
أما بطلان التالي فأمر متفق عليه بين الفرق المنتسبة إلى الإسلام،
ولأنه قد علم بالضرورة والاضطرار من دين الإسلام:
أن كلمة "لا إله إلا الله" كلمة التوحيد، ومفيدةٌ للتوحيد،
ولأن المشركين لم يعارضوا الرسل - عليهم الصلاة والسلام في "لا خالق إلا الله" أو "لا رب إلا الله".
بل كانوا يعارضونهم في "لا إله إلا الله" المفيدة لتوحيد العبادة واختصاص العبادة بالله وحده لا شريك له، والمتضمنة لإبطال الآلهة الباطلة.
كما قال الله سبحانه وتعالى: قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا [الأعراف:70].
وقال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات:35].
وقال جل وعلا عن المشركين: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5].
وقال عز من قائل: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45].
وقال عز وجل: ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [غافر:12].
وقال تبارك وتعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ [غافر:84]
وقال سبحانه وتعالى: وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4]
وأما بطلان المقدم فقد ظهر من بطلان التالي.
المؤاخذة الخامسة: أن هناك فروقاً أخرى بين الربوبية وبين "الألوهية" نذكر منها ما يلي: أ- أن "الألوهية" هي الغاية العظمى من خلق الجن والإنس وإرسال الرسل وإنزال الكتب بخلاف "الربوبية" (?).ب- أن "الربوبية" دليل على "الألوهية" فالأولى دالة، والثانية مدلولة والأولى مستلزمة للثانية استلزم الدليل المدلول (?).ج- "الألوهية" مستلزمة "للربوبية" استلزام العلة الغائية للفاعلية (?) فالأولى "علة غائية" والثانية "علة فاعلية".
ولا شك أن الغائية والفاعلية شيئان متغايران لا مترادفان. د- "الألوهية" متضمنة للربوبية" دون عكس (?).ومتضمنة لتوحيد الأسماء والصفات أيضاً (?).
ولا شك أن المُتَضَمِّنَ والمُتَضَمَّنَ شيئان لا شيء واحد.
وصح لنا أن نقول: إن توحيد الألوهية كالكل، وإن توحيدي الربوبية والصفات كالجزئين له والربوبية والألوهية من الصفات أيضاً.
هـ- أن من أفنى عمره وأنهى قواه في تحقيق "الربوبية" لله تعالى لا يصير مسلماً بمجرد ذلك ما لم يحقق "الألوهية" لله عز وجل.