كَانَ الحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو مَلِكَاً لِكِنْدَةَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ بخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَة، فَبَلَغَهُ جَمَالُ ابْنَةِ عَوْفِ بْنِ محَلَّمٍ الشَّيْبَانيِّ وَرَجَاحَةِ عَقْلِهَا؛ فَدَعَا امْرَأَةً مِنْ بَني كِنْدَةَ يُقَالُ لَهَا عِصَام ـ وَكَانَتْ ذَاتَ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَبَيَان ـ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبي حَتىَّ تَعْلَمِي لي عِلْمَ ابْنَةِ عَوْف ـ أَيْ حَتىَّ تخْتَبرِيهَا وَتَعْرِفِيهَا وَتَعْرِفي مَا لَدَيْهَا ـ فَمَضَتْ حَتىَّ انْتَهَتْ إِلى أُمِّهَا، فَأَعْلَمَتْهَا مَا قَدِمَتْ مِن أَجْلِه؛ فَأَرْسَلَتْ إِلى ابْنَتِهَا وَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّة؛ هَذِهِ خَالَتُكِ، أَتَتْكِ لِتَنْظُرَ إِلَيْكِ فَلاَ تَسْتُرِي مِنهَا شَيْئَاً، وَنَاطِقِيهَا إِنِ اسْتَنْطَقَتْكِ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا عِصَام، فَنَظَرَتْ إِلى مَا لَمْ تَرَ عَيْنُهَا قَطُّ بَهْجَةً وَحُسْنَاً