يفهمون أن معنى هذه الكلمة أن لا يتخذوا مع الله أنداداً وألا يعبدوا إلا الله، وهم كانوا يعبدون غيره، فهم ينادون غير الله ويستغيثون بغير الله؛ فضلاً عن النذر لغير الله، والتوسل بغير الله، والذبح لغيره والتحاكم لسواه ... إلخ.
هذه الوسائل الشركية الوثنية المعروفة التي كانوا يفعلونها، ومع ذلك كانوا يعلمون أن من لوازم هذه الكلمة الطيبة-لا إله إلا الله-من حيث اللغة العربية أن يتبرؤوا من كل هذه الأمور؛ لمنافاتها لمعنى «لا إله إلا الله».
غالب المسلمين اليوم لا يفقهون معنى لا إله إلا الله فهماً جيداً:
أما غالب المسلمين اليوم الذين يشهدون بأن «لا إله إلا الله» فهم لا يفقهون معناها جيداً، بل لعلهم يفهمون معناها فهماً معكوساً ومقلوباً تماماً؛ أضرب لذلك مثلاً: بعضهم (?) ألّف رسالة في معنى «لا إله إلا الله» ففسرها: «لا رب إلا الله!!» وهذا المعنى هو الذي كان المشركون يؤمنون به وكانوا عليه، ومع ذلك لم ينفعهم إيمانهم هذا، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّه} (لقمان: 25).
فالمشركون كانوا يؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً لا شريك له، ولكنهم كانوا يجعلون مع الله أنداداً وشركاء في عبادته، فهم يؤمنون بأن الرب واحد ولكن يعتقدون بأن المعبودات كثيرة، ولذلك رد الله تعالى-هذا الاعتقاد-الذي سماه عبادة لغيره من دونه بقوله تعالى: { ... وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ... } (الزمر: 3).