فهذا يدل دلالة قاطعة على أن أهم شيء ينبغي على الدعاة إلى «الإسلام الحق» الاهتمام به دائماً هو الدعوة إلى التوحيد وهو معنى قوله-تبارك وتعالى-: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (محمد: 19).

هكذا كانت سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عملاً وتعليماً.

أما فعله: فلا يحتاج إلى بحث، لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في العهد المكي إنما كان فعله ودعوته محصورة في الغالب في دعوة قومه إلى عبادة الله لا شريك له.

أما تعليماً: ففي حديث أنس بن مالك-رضي الله عنه-الوارد في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عندما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له: «ليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك ... » (?).إلخ الحديث. وهو معلوم ومشهور إن شاء الله تعالى.

إذاً، قد أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أصحابه أن يبدؤوا بما بدأ به وهو الدعوة إلى التوحيد، ولا شك أن هناك فرقاً كبيراً جداً بين أولئك العرب المشركين-من حيث إنهم كانوا يفهمون ما يقال لهم بلغتهم-، وبين أغلب العرب المسلمين اليوم الذين ليسوا بحاجة أن يُدْعَوْا إلى أن يقولوا: لا إله إلا الله؛ لأنهم قائلون بها على اختلاف مذاهبهم وطرائقهم وعقائدهم، فكلهم يقولون: لا إله إلا الله، لكنهم في الواقع بحاجة أن يفهموا-أكثر-معنى هذه الكلمة الطيبة، وهذا الفرق فرق جوهري-جداً-بين العرب الأولين الذين كانوا إذا دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يقولوا: لا إله إلا الله يستكبرون، كما هو مبين في صريح القرآن العظيم (?) لماذا يستكبرون؟؛ لأنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015