بالشاهد منه قال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء. لو سألت اليوم كبار شيوخ الأزهر لقالوا لك: في كل مكان، بينما الجارية تحسن الجواب، وهي جارية راعية غنم، ما هو السبب؟ لأنها كانت تعيش في جو بتعبيرنا العصري جو سلفي، أي جو سني بالتعبير العام؛ لأنها تخرجت كما يقولون أيضاً اليوم من مدرسة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، هذه المدرسة لم تكن خاصة في بعض الرجال ولا في بعض النساء، وإنما كانت تنتقل من ناس إلى ناس فتعم السكان جميعهم من رجال ونساء؛ ولذلك عرفت الجارية وهي راعية غنم العقيدة الصحيحة التي جاء بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الكتاب وفي السنة.
اليوم لم يوجد شيء من هذا، من هذا البيان وهذا الوضوح، بحيث أنه لو سألت - ما أقول راعية غنم- بل لو سألت راعي أمة وجماعة قد يحار في الجواب، كما يحار الكثيرون اليوم.
فإذاً قضية الدعوة إلى التوحيد وتثبيتها في قلوب الناس، ما يكفي أن نمرِّر آيات كما كان الأمر في العهد الأول؛ لأنهم أولاً كانوا يفهمون العبارات العربية بيسر، وثانياً لم يكن هناك زيغ وانحراف في العقيدة نبع من الفلسفة ومن علم الكلام، فقام يعارض العقيدة السليمة، فنحن أوضاعنا اليوم تختلف تماماً، فلا يجوز أن نتوهم بأن الدعوة إلى العقيدة الصحيحة هي اليوم من اليسر، كما كان الأمر في ذلك اليوم من اليسر، وأقرب لكم هذا بمثل لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان إن شاء الله، من اليسر المعروف يومئذٍ أن الصحابي يسمع الحديث من رسول الله مباشرةً ثم التابعي يسمع الحديث من الصحابي مباشرة وهكذا نقف عند القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية هل كان هناك شيء اسمه: علم الحديث، لم يكن هناك شيء اسمه علم الحديث، علم الجرح والتعديل لم