من حيث الإرسال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر. ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك، لقوة الضعف، وتقاعد هذا الجابر عن جبره، وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي، متهماً بالكذب، أو كون الحديث شاذاً. وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة).
أقول: أي والله إنه لمن النفائس العزيزة التي يغفل عنها كثير من المشتغلين بهذا العلم، فضلاً عن غيرهم ممن لا معرفة لهم به مطلقاً، كهذا الذي نحن في صدد الرد عليه، والتحذير من آثار جهله، ولذلك فإنه لما لخص الحافظ ابن كثير كلام ابن الصلاح هذا في "مختصره" (?) (ص43) وأقره عليه. علق عليه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بقوله:
(وبذلك يتبين خطأ كثير من العلماء المتأخرين في إطلاقهم أن الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة ضعيفة ارتقى إلى درجة الحسن أو الصحيح، فإنه إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع ازداد ضعفاً، لأن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحيث لا يرويه غيرهم، يرفع الثقة بحديثهم، ويؤيد ضعف روايتهم
وهذا واضح).
قلت: إذا أمعن القارئ النظر في تلك الطرق المتقدمة لحديث الزيارة لم يجد فيها أي صفة من تلك الصفات التي ذكرها ابن الصلاح في الطرق التي يتقوى الحديث بها، فليس فيها مثلاً راوٍ واحد على الأقل هو من أهل الصدق، علمنا أنه