وشياطينهم: زعماؤهم الذين ماثلوا الشياطين في تمردهم وصدهم عن سبيل الحق. والمعية في قولهم: {إِنَّا مَعَكُمْ} يراد منها: موافقتهم في دينهم. وأكدوا ما خاطبوا به شياطينهم بحرف التأكيد إذ قالوا: {إِنَّا مَعَكُمْ}؛ ليزيلوا ما قد يجري في خواطرهم من أنهم فارقوا دينهم، وانقلبوا إلى دين الإسلام بقلوبهم، ولم يؤكدوا ما خاطبوا به المؤمنين إذ قالوا لهم: {آمَنَّا}، ولم يقولوا: إنا آمنا؛ ليوهموهم أنهم بمرتبة لا ينبغي أن يتردد في إيمانهم حتى يحتاجوا إلى تأكيد.

{إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}:

هذا وارد مورد الجواب عما قد يعترض به عليهم شياطينهم إذ يقولون: كيف تدعون أنكم معنا، وأنتم توافقون المؤمنين في عقيدتهم، وتشاركونهم في مظاهر دينهم؟ فقالوا: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.

والاستهزاء: الاستخفاف والسخرية. والمعنى: أننا نظهر للمؤمنين الموافقة على دينهم؛ استخفافاً بهم وسخرية، لا أن ذلك صادر منا عن صدق وجد.

{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}:

ذهب فريق من أهل العلم إلى أن الاستهزاء هو التحقير على وجه شأنُه أن يتعجب منه، وهذا المعنى غير مستحيل على الله، فيصبح إسناده إليه تعالى على وجه الحقيقة. ورأى أكثر أهل العلم أن الاستهزاء لا ينفك عن التلبيس؛ كأن يظهر المستهزئ استحسان الشيء، وهو في الواقع غير حسن، أو يقر المستهزأ به على أمر، وهو غير صواب، وهذا المعنى لا يليق بجلال الله، فيجب حمل المسند إليه تعالى على معنى يليق بجلاله، فيحمل على ما يلزم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015