الإسلام، وإلقاء الشبه في سبيل الدعوة، ومن أكبر معاصيهم: مظاهرةُ المشركين كلما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، والظاهر أن القائلين لهم: {لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} هم بعض المؤمنين الذين اطلعوا على شيء من سوء أعمالهم. وكان جوابهم أن {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}، والإصلاح: فعل ما فيه صلاح، والصلاح: الصواب في الأمر: ودلّوا بكلمة: {إِنَّمَا} على أنهم لا يفعلون إلا ما فيه صلاح، فلا يقع منهم الإفساد البتة.

{أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}:

هذا تكذيب لهم في دعوى أنهم مصلحون، ووصف لهم بالإفساد على أبلغ وجه؛ فقد افتتحت الجملة بكلمة: {أَلَا}، وهي إنما تستعمل لتنبيه المخاطب، وإحضار ذهنه لما يرد بعدها من الحديث حتى لا يلقى إليه وهو غير متهيئ لسماعه، ووصل {أَلَا} بإنَّ الدالة على تأكيد الخبر وتحقيقه، وأورد الخبر بعدهما مؤكداً بوجه من أقوى وجوه التوكيد، وهو تعريف المسند {الْمُفْسِدُونَ}، وتوسط ضمير الفصل {هُمُ} بينه وبين المسند إليه، إذ قال: إنهم هم المفسدون، ولم يقل: إنهم مفسدون، ثم وصفهم بالجهل الفاحش، فنفى عنهم الشعور بما يصدر عنهم من الفساد، ومن أفظع الجهل أن يكون الرجل مفسداً، ولا يشعر بذلك، مع أن أثر فساده ظاهر في العيان، مرئي لكل ذي حس؛ فعدم شعورهم بالفساد الواقع منهم منبئ باختلال آلات إدراكهم، حتى صاروا يحسبون الفساد صلاحاً، والشر خيراً.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ}:

السفهاء: جمع سفيه، مأخوذ من السَّفَه الذي هو في الأصل بمعنى: الخفة، وقيل لضعيف الرأي وسخيف العقل: سفيه؛ لأنه خفيف لا رزانة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015