معصية، ومقتضى ما تقدم؛ أعني قوله: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا}: أن يكون المقام للإضمار، فيقال: فأنزلنا عليهم. ولكن أعيد الاسم الظاهر المتقدم، فقال: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}؛ تاكيداً لوصفهم بأقبح الأفعال، وهو الظلم، وإشعاراً بأن السبب فيما نزل عليهم من العذاب هو ظلمهم؛ أخذاً بالقاعدة المعروفة في البيان، وهي أن تعليق الحكم الوارد في الكلام على اسم الموصول يؤذن بأن سبب هذا الحكم هو الوصف الذي اشتقت منه الصلة، فتعليق الحكم الذي هو إنزال العذاب على اسم الموصول، وهو: {الَّذِينَ ظَلَمُوا} يشعر بأن السبب في إنزال العذاب هو الوصف الذي اشتقت منه الصلة {ظَلَمُوا}؛ أعني: الظلم.

أشعر قوله: {الَّذِينَ ظَلَمُوا} بأن سبب إنزال العذاب عليهم هو ظلمهم، وأكد هذا الإشعار بصريح من القول، فقال: {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.ومن الجليّ أن الباء في قوله: {بِمَا كَانُوا} للسببية، والمعنى: فأنزلنا على أولئك الظالمين عذاباً انصبَّ عليهم من جهة السماء عقوبةً لهم على ما كانوا يأتونه من الفسوق المرة بعد الأخرى.

{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ}:

هذا تذكير لبني إسرائيل بنعمة من عظيم نعمه، هي أنهم وقتما كانوا في التيه أدركهم عطش شديد، فأغاثهم الله بمياه غزيرة من حيث لم يحتسبوا، واستسقى في اللغة: طلب السقيا. والاستسقاء يكون عند عدم الماء، أو حبس المطر، وهو في الشريعة على ما ورد في السنة، إما بالدعاء في خشوع واستكانة، وإما بالخروج بالناس إلى المصلى، والصلاة بهم ركعتين كصلاة العيد من غير أذان ولا إقامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015