وما لاقوه من الأمن في هجرتهم، وأذكر من هذا قول عبدالله بن الحارث:
يا راكباً بلِّغَنْ عني مغلغلة (?) ... من كان يرجو بلاغ الله والدين
كل امرئ من عباد الله مضطهد ... ببطن مكة مقهور ومفتون
إنا وجدنا بلاد الله واسعة ... تنجي من الذل والمخزاة والهون
فلاتقيموا على ذلك الحياة وخز ... ي في الممات وعيب غيرمأمون
إنا اتَّبعنا رسول الله واطَّرحوا ... قول النبي وغالوا في الموازين
انفتح باب الهجرة إلى الحبشة، فإذا خشي مسلم في مكة أن يناله مكروه، أزمع الهجرة إلى تلك البلاد، ومما نقرؤه في الصحيح: أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - خرج ليلحق من سبقه من المهاجرين إلى الحبشة حتى بلغ "بَرْك الغِماد"، فلقيه ابن الدَّغِنة (?)، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض، وأعبد الله، فقال ابن الدغنة: إن مثلك يا أبا بكر لا يَخرج ولا يُخْرَج، إنك تُكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، فارجع واعبد ربك ببلدك. فرجع أبو بكر في جوار ابن الدغنة، ولم يلبث أن نبذ إليه جواره، واستبدل به جوار الله.
وأذكر بهذه المناسبة: أني عندما عزمت على الهجرة من تونس إلى