فأيُّ شيءٍ وقعتْ عينُك عليه هو آيةٌ دالةٌ على عظمتِه، أيُّ شيءٍ تفَحَّصْتَه، أيُّ شيءٍ دَرَسْتَه، أيُّ شيءٍ دَقَّقْتَ فيه، إنما هو آيةٌ تدلُّ على أن الله هو الواحدُ الدَّيَّانُ، الواحدُ الأحدُ، الفردُ الصَّمَدُ.
اطّلعتُ على مقالةٍ تلخِّصُ كتاباً أَلَّفَه عالِمٌ غربيٌّ يتحدثُ فيه عن الخنزيرِ، مفادُه أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى حينما حَرَّم أكلَ لحمِ الخنزيرِ، فإنّ هذا التحريمَ ينطوي على حِكَمٍ لا حصرَ لها.
يقولُ مؤلِّفُ الكتاب: "إنَّ الخنزيرَ حيوانٌ لاحمٌ عاشِبٌ، أي يأكلُ العشبَ واللحمَ معاً، وقد حرَّمتِ الشرائعُ كلُّها أَكْلَه، وله طباعٌ من أقبحِ الطبائعِ والعاداتِ، ففيه الغباوةُ، والقذارةُ، وفيه سوءُ الخُلُقِ، ولا يعفُّ في نكاحِه حتى عن أمِّه".
شيءٌ آخرُ، إنّ أَحَبَّ الطعامِ إليهِ النجاساتُ، والجرذانُ الميتةُ، وإنَّ أَحَبَّ الطعامِ إليه طعامُ الجِيَفِ، فإذا وضعتَ الخنزيرَ في مكانٍ نظيفٍ، وفي طَرَفِ المكان أقذارٌ فلا بدّ أنْ يتمرَّغَ فيها، هذا شيءٌ عجيبٌ في طباعِ الخنزيرِ.
إنَّ البيضَ، بيضَ الديدانِ التي يمكنُ أنْ تكونَ في لحمِه لا ينجو من خطرِها إنسانٌ، ولو بقيَ هذا اللحمُ يغلِي ساعةً بأكملِها، وإنّ الطبخَ العاديَّ، والشَّيَّ السطحيَّ لا ينقذُ الإنسانَ من أخطارِ لحمِ الخنزيرِ.
قلتُ: سبحانَ الله!! إنّ أمراضاً كثيرةً، وديداناً خطيرةً تعيش في خلاياه، وفي ثنايا لحمِه، وهذه الديدانُ محصّنةٌ، فلو طُبخَ هذا اللحمُ طبخاً عادياً، أو شُوِيَ شيَّاً سطحياً لم تَمُتْ هذه اليرقاتُ، فلا بدَّ من تبريدٍ يَقِلُّ عن ثلاثين درجةً تحتَ الصفرِ، أو أن يغليَ أكثرَ من ساعةٍ، حتى تموتَ هذه اليرقاتُ في لحمِه.
حينما حرَّمَ ربُنا سبحانه وتعالى هذا اللحمَ حَرَّمَهُ لِحِكَمٍ كبيرةٍ، وهذه بعضُ الحِكَمِ.
إنّ مؤلِّفَ الكتابِ يقول: "إنّ هذا الحيوانَ له وظيفةٌ في تنظيفِ الأرضِ من الجيفِ، والأوساخِ، والنجاساتِ"، هذه مهمّتُه، فإذا ببعضِ الناسِ يجعلونه طعامَهم الأول.