هنا سؤال دقيق يؤكّدُ حكمةَ اللهِ سبحانه وتعالى: لماذا يطولُ شعرُ الرأسِ، ولا يطولُ شعرُ الحاجبين والجفنَين؟! لماذا تنبُتُ الأشعارُ داخلَ الأنفِ، ولا تنبتُ داخلَ الفمِ؟! لماذا تنبُتُ الأشعارُ في ظاهرِ الكفِّ، ولا تنبتُ في باطنِها؟!
فوا عجباً كيف يُعصى الإلهُ ... أو كيف يجحدهُ الجاحدُ
وفي كلّ شيءٍ له آيةٌ ... تدلّ على أنّه واحدُ
يقولُ اللهُ عز وجل:
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ بآياتنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدلناهم جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العذاب إِنَّ الله كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء: 56] .
دقِّقوا في هذه العلاقةِ: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدلناهم جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العذاب} كأنّ هذه الآيةَ تشيرُ إلى أنّ مواقعَ الإحساسِ بالألمِ، ولا سيّما أنّ ألمَ الحريقِ موجودٌ في الجلدِ، فمن أجل أن يذوقوا العذابَ: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدلناهم جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العذاب} .
قالَ العلماءُ: "الجِلْدُ مؤَلَّفٌ مِن طبقتين، طبقةٍ اسمُها البَشَرَةُ، وهذه البشرةُ تزدادُ سمكاً أو رِقّةً بحسبِ موقعِها في الجسمِ، وبحسبِ الاحتكاكِ، وبحسبِ البيئةِ، وهذه الطبقةُ نفسُها مؤلّفةٌ من ثلاثِ طبقاتٍ، طبقةٍ عُليَا خارجيةٍ، ووُسطى، وسُفلى، وفي الجلدِ طبقةٌ ثانيةٌ اسمُها الأَدَمَةُ، وهذه الطبقةُ فيها العَجَبُ العُجَابُ، فهي مؤلَّفةٌ من نسيجٍ، وفيها شُعَيْراتٌ دمويةٌ، ونهاياتٌ عصبيةُ، وغددٌ تفرزُ الدهونَ، وغددٌ عرقيةٌ، ومنطقةٌ دهنيةٌ تحتَ هذه الأدَمَةِ، التي هي الطبقةُ الفعّالةُ في الجلدِ".
إذا كان الإنسانُ في جوٍّ حارٍّ فإنّ الغدةَ الدرقيةَ تبعثُ بهرموناتٍ إلى الخلايا، فتزيد مِن نشاطِها، ومن ازديادِ نشاطِها تزيدُ كميةُ الحرارةِ التي تُشِعُّها هذه الخلايا، وبهذا يتكيّفُ الجسمُ مع الجوِّ الحارِّ.